رغم كمية اليأس التي أصابتنا في هذه الأوقات، رغم الإتهامات التي وُجهت إلينا ككادر صحي وكأنما أصبحنا وحوش ونسينا الوازع الديني والإنساني الذي نحمله في ذواتنا، وكأنما تركنا أهلنا ومن نحب وخضنا معركة نعلم في لحظة ما أننا قد نكون أحد ضحاياها، رغم كمية اللحظات المؤلمة، الوصول المتأخر لبعض الحالات، الهمجية التي تلازم بعض اليمنين، الجشع والاستغلال في البعض الآخر رغم أنك في مجتمع يراكَ معظمه أقل من غيرك علماً وإنسانيةً – حتى وإن كنتَ عكس ذلك – ولا يفلح إلا في انتقادك سواءً بحق أو بغير حق.
رغم كل تلك الضغوطات النفسية التي نمر بها، إلا أن كل شيء يندمل ، يتلاشى، ويختفي حينما ترى شفاء المرضى الذين يرونك بصيص الأمل لديهم فتغمرك الفرحة وتنسى تعبك كله وتتقوى عزيمتك أكثر، وتُعطي أكثر.
علق بذهني صور لمريضين كان من نصيبي أن استقبلتهم في الطوارئ، ووصلوا بمراحل متدهورة -ودخلوا بضائقة تنفسية حادة حتى أتخذ قرار من أطباء العناية – حفظهم الله- من أصعب القرارات بإدخالهم على تنفس إصطناعي، وهو يعتبر من الخطوات الأخيرة التي يلجأ إليها أطباء العناية نتيجة لتدهور حالة المريض، بلطف الله، أمره ورحمته، ثم بالعناية القصوى من دكاترتنا في العناية المركزة لهؤلاء المرضى وغيرهم. تم فصل التنفس الإصطناعي عنهم وعودتهم إلى حالتهم الطبيعة وإلى أسرهم وذويهم، شعور الفرحة الذي يعترينا في مثل هذه اللحظات يُنسينا كل تلك الضغوطات التي نمر بها.
الأهم والمهم أنه في حالة ظهور أي اعراض سريرية فيجب الإسراع في إسعاف أنفسكم حتى لا تصلوا إلى المستشفيات بمراحل متأخرة.
ختاما نسأل الله أن يشفي كل مريض ويلطف في بلادنا وشعبنا.