د عبد الحميد الصهيبي
اليوم العالمي لسلامة المرضى
تضامنا مع المرضى. وتعبيرا عما يدور في أذهانهم وما ترسمه ويتمنونه في أحلامهم نضع رسالتهم الممزوجة أملا في كؤوس الألم فنقول:
أن للمريض حقوق وعليه واجبات.. وتلك الحقوق هي التي تضمن سلامته في حين أن إلتزامه بالواجبات الملقاة على عاتقه تضمن كذلك سلامته وسلامة الاخرين.
وبإيجاز نحاول تسليط الضؤ على أهم الحقوق التي ينبغي على الأنظمة الصحية والمجتمعية العمل من أجل نيلها. والحصول والوصول إليها من جميع المرضى. بدون تمييز لأي أسباب كانت عرقية، دينية، ثقافية، أو جغرافية أو غير ذلك.
أطباء اليمن.. عطاء رغم الظروف الصعبة
وتبدأ السلامة من إجراءات السلامة والوقاية عبر تطبيق المعايير الضرورية لمكافحة العدوى في المرافق الصحية. بحيث لا يكون المرفق الصحي سببا في إلتقاط المريض لمخاطر الإصابة بأمراض قد تكون عواقبها وفتكها أشد مما كان يعانيه وأجبره على زيارة المرفق بحثا عن الرعاية وطلبا للعلاج.
وسلامة المريض أثناء نقله إلى المرفق الصحي أو داخل أقسام المستشفى. من الأمور التي ينبغي أن تنال مزيدا من العناية والاهتمام. وسلامة المريض من مخاطر الإشعاع ومخاطر الدم الملوث في حال الإحتياج لنقل الدم. وسلامته من مخاطر الأدوية والتدخلات الخاطئة والغير ضرورية فضلا عن سلامة جيبه من حالات الاستغلال والنهب من عديمي الأخلاق والضمير.
سلامة المريض النفسية من الصدمات ومن أوهام المرض وتبعاته وسلامته من القرارات والإجراءات الطبية التي قد تضر صحته. وفي بعض الأحيان قد ترسم إعاقته أو تودي بحياته.
سلامة المريض من الخداع والتضليل وحمايته من الإعلانات التي تمنيه وتصنع له أحلاما وردية كاذبة من أجل نهب أمواله التي قد يدفع جلها من أجل نيل صحته وبحثا عن عافيته.
مبادرات طبية أوجدها كورونا وتصدرت الواجهة
سلامة المريض في خصوصيته، في معلوماته وبياناته، وفي أخذ موافقته قبل إتخاذ أي قرارات تتعلق بصحته وحياته.
المريض وما أدراكم ما المريض.. روح بحاجة إلى أن تتدفق فيها أنسام العافية وترتسم في شفاههم بسمة الشفاء. بحاجة إلى أن ينعموا بالسلامة الذهنية والبدنية والنفسية. وهم يتلقون خدمات الرعاية الطبية في أي مكان وفي كل زمان.
وبعيدا عن السلامة تبرز أمامي بعض الذكريات الأشد قتامة لمرضى كانت المرافق الصحية والأخطاء الطبية السبب الرئيسي لمفارقتهم الحياة.
فالتمزق الرحمي والنزيف أودى بحياة خالتي في أحد المستشفيات نتيجة قرار خاطئ بالإعتماد على حبوب الطلق الصناعي في حالة ولادة متعسرة وتسمم حملي في الوقت الذي كان يستدعي إجراء عملية قيصرية. طبعا تم ذلك في أحد المستشفيات التي تحجب عن الرجال متابعة ما يتخذ من قرارات بشأن النساء والتي ترفع ممنوع دخول الرجال.
اليوم العالمي لسلامة المرضى لعام 2020
ومن ساحة الملعب التي كان فيها الإبن المدلل لصديقي وأخي وليد. كانت الدعوة والنداء للطفل الصغير المولع بلعب الكرة من قبل أبيه في لحظة إشفاق عليه من مسامير تثبت صفائح في رجله. وبعد رفض من الطفل وإصرار من الأب، أخضع الطفل لعملية جراحية تحت التخدير العام فارق بسببها الحياة ففارقت الابتسامة وجه وليد ولم تعد حتى اليوم.
وهناك كانت براءة تخضع لمعالجة في أحد المستشفيات جراء إصابتها بمرض تكسرات الدم وقرر الأطباء نقل جرعات من الدم إلى جسدها. واستقبلت معها جرعات من الألم مازالت تخيم بظلالها على جميع أفراد الأسرة جراء نقل فيروس العوز المناعي البشري مع قطرات الدم. وبدلا من مساعدتها من أجل حياة أفضل أصابتها حالة من الانكسار والألم.. فما أشده وما أقساه!
لفتة ختام:
رغم تعدد المؤسسات، المنظمات والهيئات المعنية بالعمل في سبيل حصول المرضى على الخدمات التي يحتاجونها ويدفعون من أجلها الكثير من المال والوقت. إلا أن حماية المرضى، وسلامتهم لا تؤخذ بعين الإعتبار في أغلب الأحيان.
سلامة المرضى، تقفز هذا العام كأولوية تمخضت جراء تأثير جائحة كورونا حيث تعرض الكثير من المرضى للإصابة بالفيروس في المرافق الصحية التي ترددوا عليها من أجل معالجة أمراض أخرى. فحملوا فيروس كورونا وتحملوا تبعاته، آهاته، آلامه. وفي أحايين كثيرة كانوا بمثابة جسور لعبور الفيروس للغير وخصوصا أوساط أولئك الذين يعانون من الأمراض المزمنة وأمراض نقص المناعه وغيرها.
سلامة المرضى ليست فقط كلام أو شعارات أو إعلانات دعائية بل إن المرضى بحاجة للحماية من كل ما ذكرناه.
* خبير وطني في مكافحة الإيدز والأمراض المعدية
المصدر : https://alttebiah.net/?p=11345