أمل سيف
مرض الخرف.. الأسباب وطرق الوقاية
يتكون مخ الإنسان من 90 مليار خلية عصبية، متخصصة في إرسال واستقبال الرسائل فيما بينها، ومن خلال هذا التراسل نستطيع أن نشعر ونتفاعل ونتجاوب مع العالم المحيط بنا.
ويصاب الإنسان بالخرف عندما يستهدف المرض هذه الخلايا العصبية ويدمرها فتفقد قدرتها على التواصل مع بعضها وتموت، ومن ثم تبدأ أعراض الخرف مثل فقدان الذاكرة، خلل في التفكير، تغيير في السلوك والعواطف، صعوبة في اللغة والتخاطب، وهذا يؤثر سلبا على الحياة الاجتماعية الطبيعية والعملية.
مرض الخرف (ديمنشيا) والأمراض المسببة له مثل الزهايمر (الأكثر شيوعاً 70%) ومرض الرعاش باركنسون، مرض أجسام ليوي وخرف الأوعية، هو مرض يصيب المخ مستهدفا كبار السن فوق الخامسة والستون عام مسبباً ضرراً بالغاً في القدرات العقلية والإدراكية للشخص.
قد يهمك..بشرى سارة لمرضى الزهايمر.. لقاح ضد الخرف
ويعتبر مرض الخرف من الأمراض التي لازالت مجهولة في اليمن، حيث أن أغلب العامة يعتبرون المرض نتيجة طبيعية للتقدم في العمر وليس نتيجة إصابة دماغ الانسان بالمرض، وبالتالي لا يحصل المرضى من كبار السن المصابون بمرض الخرف على إمكانية التشخيص المبكر والعلاج المناسب الذي يحد من التدهور السريع للمرض والرعاية التي يحتاجون إليها.
كما لا توجد أي إرشادات من قبل الجهات الصحية ترشد عائلة المريض عما يمكن عمله لمساعدة مريضهم والتخفيف من معاناته ومعاناتهم أيضا.
تشير الإحصائيات العالمية إلى ارتفاع متزايد لعدد المصابين بهذا المرض، حيث يوجد حاليا ما يقارب 50 مليون شخص يتعايش مع مرض الزهايمر في العالم، ومن المتوقع أن يرتفع العدد الى 150 مليون شخص في عام 2050 مع استمرار ارتفاع عدد المصابين خاصة في الدول الفقيرة والمتوسطة الدخل.
وبينما تشير إحصائيات عالمية إلى أن هناك 10 مليون حالة جديدة سنويا ما يعادل حالة واحدة كل 3 ثوان، لا توجد إحصائيات عن عدد حالات مرض الخرف في اليمن كما أن الجهل بطبيعة المرض وانعدام التوعية أدى إلى إخفاء الكثير من المرضى بسبب وصمة العار والتمييز ضد المرض.
لمواجهة هذا التهديد، تدعم منظمة الصحة العالمية دول العالم لإنشاء خطة العمل الوطنية للخرف، وتتضمن هذه الخطة سبع مجالات عمل تتركز على جعل الخرف من أولويات الصحة العامة وهي رفع الوعي ومنح الود، تقليل مخاطر الإصابة بالمرض، التشخيص المبكر والعلاج، تقديم الرعاية والدعم، دعم مقدمي الرعاية، نظم المعلومات وأخيرا البحث والابتكار.
إقرأ أيضاً..علماء يكشفون بشكل قاطع عن المهن التي تسبب الخرف
وبالعودة إلى الحديث عن مسببات المرض نفسه، قد تكون أسباب المرض بيئية أو وراثية، وهذه العوامل (من النادر حدوثها) ولا نستطيع تغييرها، ولكن هناك عوامل أخرى نستطيع تغييرها مثل اسلوب الحياة، حيث أن اسلوب الحياة الخاطئ يعجل من الاصابة بالمرض ويشمل هذا عدم الحركة أو ممارسة أي نوع من الرياضة، عدم تشغيل العقل فيبقى لفترة طويلة في خمول، الإسراف في التدخين، الإفراط في تناول القات لساعات طويلة، أيضا التعرض لمسببات التوتر، والقلق، الاكتئاب الذي يأتي في عمر متأخر، وهذا له تأثير ضار على الدماغ.
وبحسب معهد لانسيت لصحة الدماغ، تعتبر قلة التعليم في مراحل العمر المبكرة من أسباب التعرض للخرف ولذا ينصح بالتعليم الإلزامي لمراحل التعليم الاساسي والثانوي على اقل تقدير، أيضا عدم التوازن الغذائي والسمنة المفرطة تعد من عوامل المساهمة في الإصابة مع ارتفاع ضغط الدم والكوليسترول العالي (الدهون الضارة في الدم)، بالإضافة إلى العزلة الاجتماعية.
الخرف مرض مضني ويؤثر سلبا عل حياة المريض وعائلته وبالذات مقدم الرعاية المباشر، وقد يقلب حياة الأسرة رأساً على عقب إذا جهلت طبيعة المرض وكيفية تقديم الرعاية للمريض والتواصل معه، بالذات عند ضياع الكلمات وعدم قدرته على التعبير عن احتياجاته بوضوح.
ومن هنا نأمل أن يشمل دعم منظمة الصحة العالمية دول العالم لإنشاء خطة العمل الوطنية للخرف اليمن خاصة في ظل الأوضاع التي يعيشها كبار السن بسبب الحرب الدائرة منذ 6 سنوات في اليمن وما خلفته من آثار سلبية خاصة في مجال الصحة والتطبيب، إضافة إلى أن الجوانب النفسية والصحة العقلية تحظى بأقل نسبة في مجالات الاغاثة المختلفة.
أنت مدعو للإشتراك في قناة الطبية في اليوتيوب
ولكن هناك دائما بصيص من نور في النفق المظلم وهو أن وطأة المحنة تقل كثيرا ويسهل إدارة المرض مع المعرفة والوعي وقبل هذا وذاك عند التشخيص المبكر للمريض واستخدام الدواء المناسب الذي يساعد كثيرا في عدم التدهور السريع للحالة وتجعل المريض يحافظ على قدراته الذهنية والإدراكية لأطول فترة ممكنة.
* أعدتها / أمل سيف
رئيسة جمعية يمن ضد مرض الزهايمر والخرف
المصدر : https://alttebiah.net/?p=14448