على الرغم من أن مدة المؤتمرات العلمية لا تزيد عن بضعة أيام، فإن التحضير لها يستغرق شهورا أو ربما سنوات، و قد تكون مكلفة أيضا فهل تستحق كل هذا؟ نعم ، فإن تنظيم المؤتمرات وحضورها له من الفوائد ما يصعب حصرها وقياسها.
فإذا كان تحقيق الحياة الكريمة و ازدهار الحضارة لا يمكن أن يكون إلا من خلال مجتمع يضم مختلف الفئات البشرية التي تتبادل المنفعة وتقوم بالأدوار المختلفة، فكذلك ازدهار العلوم لا يكون إلا من خلال مجتمع علمي يضم مختلف الفئات و التخصصات العلمية.
و إذا كانت الأسرة لبنة المجتمع فإن الجمعيات العلمية هي لبنة المجتمع العلمي وتكوين الجمعيات والشبكات العلمية يتم من خلال تعاون و تآلف بين الباحثين من ذوي التخصص المشترك ومن له علاقة به.
فأين تجد مناسبة أفضل من حضور مؤتمر علمي بحجم المؤتمر العالمي السابع للمفاصل الصناعية لتجد فيها من يشترك معك في الفكر والقضية، و قد يكون لديه حل لمشكلة تواجهك.
خاصة وقد أثبتت كثير من الدراسات العلمية أن أكثر من 70 ٪ من حلول المشاكل العلمية والصناعية تنبثق عبر التفاعل المباشر أثناء المؤتمرات واللقاءات العلمية وهي ليست فقط من خلال المحاضرات أو الأوراق التي تلقى، ولكن أيضا من لقاءات غير مخطط لها، في المحادثات والنقاشات الجانبية في ردهات المؤتمر.
ومن هذا المنطلق وعلى هذا الأساس حرصنا في جمعية جراحي العظام اليمنية على المشاركة في المؤتمر العالمي السابع للمفاصل الصناعية الذي عُقد بإمارة دبي مطلع شهر ابريل من العام الجاري 2019. كضرورة ملحة وواجب وطني مقدس استدعتها الحاجة الماسة لتمثيل اليمن في تظاهرة علمية كهذه….
رغم إدراكنا المسبق بصعوبة المهمة والمشقة في رحلة مجهولة المصير ، محفوفة بالمخاطر ومحاطة بوعثاء السفر وكآبة المنظر ، سميا وأنت في بلد تمزقه الحرب و تتقاذفه الصراعات منذ أربعة أعوام ، حيث يصبح قرار السفر محاولة انتحار وطريقه سكرة من سكرات الموت.
ورغم ذلك حسمنا قرارنا في جمعية جراحي العظام اليمنية بضرورة المشاركة في المؤتمر وحزمنا أمتعة السفر إلى دبي من أجل حضور المؤتمر العالمي السابع لنخوض بذلك غمار تحد جديداً مع الذات من أجل توفير تكاليف السفر ونفقات الرحلة كشراء وحجز تذاكر الطيران التي وصلت أسعارها إلى أكثر من 2000$ للشخص الواحد بجهود شخصية ودعم ذاتي.
لتبدأ حكايتنا مع أول فصول المعاناة في رحلتنا الطويلة وسفرنا الشاق والذي استغرق ستة أيام ما بين ذهاب وعودة ، ناهيك عن عناء الترانزيت في مطار العاصمة الأردنية عمان لقرابة 14 ساعة .
بعد ثلاثة أيام من السفر المتواصل وصلنا الى دبي محطة انعقاد المؤتمر العالمي السابع للمفاصل الصناعية الذي انطلقت أعماله في اليوم التالي بحضور ومشاركة نخبة من أشهر علماء وجراحي العظام والمفاصل الصناعية في العالم.
حظينا في البعثة اليمنية المشاركة في المؤتمر برئاسة الدكتور محمد هطيف والدكتور مطهر العريقي بكرم الترحيب وحفاوة الاستقبال من قبل الجهة المنظمة ،وكنا محل إعجاب واسع وإشادة كبيرة ولامسنا اهتماما متناهيا وانطباعا مميزا من قبل البعثات المشاركة في المؤتمر .
استعرض المؤتمر في يومه الأول أحدث التقنيات والأدوات الطبية التي توصلت إليها التكنولوجيا الحديثة في مجال جراحة العظام وزراعة المفاصل الصناعية، وناقش في يومه الثاني الصعوبات والتحديات التي تواجه جميع جراحي المفاصل في مختلف أنحاء العالم سيما لدى بعض الحالات في اليمن، وكيفية التغلب عليها رغم الظروف الصعبة .
اختتمت أعمال المؤتمر بنجاح وخرج بتوصيات قيمة وتكللت مشاركتنا فيه بنجاح استثنائي، وتحصلنا على معلومات جديدة وفوائد جمة في مجال جراحة وزراعة المفاصل الصناعية سنعمل في جمعية جراحي العظام اليمنية على ترجمتها على الواقع العملي في القطاع الصحي للبلاد خلال المرحلة القادمة.
كما سنقوم بنقل أحدث ما توصل إليه العالم في مجال زراعة المفاصل الصناعية وجراحة العظام لزملائنا في اليمن من خلال تنظيم وإقامة الورش والندوات والمؤتمرات العلمية بهدف الارتقاء بمستوى الخدمات الطبية لهذا التخصص الهام خاصة في هذه الفترة التي تشهد ارتفاعا غير مسبوق في عدد حالات الإصابة والإعاقة نتيجة الحرب الدائرة والصراع القائم .
#استشاري جراحة العظام بالمستشفى السعودي الالماني.
المصدر : https://alttebiah.net/?p=214