“المحاربات الورديــــات “يكسرن حاجز الصمت
المجلة الطبية_ نسيم محمد الرضاء|
الملامح الهادئة والرقيقة للناشطة الحقوقية منى الحارثي توحي بأنها قد تكون فريسة سهلة لأي مرض عابر عوضا عن الإصابة بسرطان الثدي الذي فاجأتها به نتيجة الكشف المبكر، غير أن إصرارها على السير قدما في طريق العلاج منحها قوة مدهشة.
تقول منى التي تشغل منصب رئيسة اللجنة الوطنية للمرأة بمحافظة صنعاء، أن الطبيب المعالج _ولمزيد من التأني_ وصف لها مضادات حيوية تناولتها لمدة شهرين لكن دون جدوى، لتبدأ مرحلة تحدي بالفحص عبر أخذ الخزعة، “مرت عشرة أيام بانتظار النتيجة كأنها دهر” لتؤكد الفحوصات إصابتها بسرطان الثدي.
المساندة من أسباب النجاح
كان قلق منى وخشيتها من وقع خبر الإصابة على والديها هو التحدي الثاني، تقول في حديثها لـ المجلة الطبية “لقد تعاملت بحذر وبدأت بالحديث إلى صديقاتي بلقيس اللهبي والهام الكبسي ووفاء الآنسي اللائي ساندنّي في محنتي ومنحنّي طاقة ايجابية في التعامل مع الورم، كما لو كان مرضا عاديا، فالعلاج بحاجة للصبر والوعي والمعرفة”.
إقرأ أيضاً..طبيبة تحدد أهم عوامل الإصابة بسرطان الثدي
وتحتفظ ذاكرة منى بالتوقيت الزمني لبدء العلاج في عام 2012م حين خضعت للجراحة والعلاج الكيماوي إضافة إلى 35جلسة إشعاع، وواصلت الحارثي العلاج الهرموني لمدة خمس أعوام لتتمكن في 2017م من هزيمة السرطان والتعافي منه بشكل كامل.
حظت الثلاثينية حنان ناجي بمساندة زوجها خلال فترة مرضها بشيء من الامتنان، عندما حصل على إجازة طويلة لمرافقتها في رحلة العلاج.
وتقول “لم أتوقع أن يساندني زوجي وكنت اعتقد أنه سيتخلى عني خاصة وأننا كنا على وشك الانفصال”.
لم يزعجها تساقط شعرها ولم تمل من المتابعة الدورية للطبيب، لقد أدركت حينها أن القرارات المصيرية بحاجة لصبر طويل وحكمة وهو ما ساعدها في التغلب على المرض والشفاء منه، حد قولها.
لقد حول المرض حنان إلى إنسانة اجتماعية بشكل أكبر وتقوم بزيارة أقاربها باستمرار.
ممارسة الحياة بشكل طبيعي
عادت كاتبة ناشر، (57 عاما)، الى ممارسة حياتها في قرية الحزمة محافظة إب جنوبي صنعاء، بشكل طبيعي بعد أن أكد لها الأطباء إصابتها بسرطان الثدي وقرروا إخضاعها للعلاج الكيماوي.
تقول كاتبة ” لم يتغير شيء في حياتي منذ أخبروني بالإصابة قبل أربع سنوات، ولم أكن قلقة من النهاية فقد التزمت بنصائح الأطباء والخطة العلاجية”.
تضطر كاتبة للسفر إلى العاصمة صنعاء لتخضع لجلسات الكيماوي في مواعيدها ومن ثم تعود لتساعد زوجها في الزراعة وتربية الحيوانات، رغم ما يتركه العلاج بالكيماوي من آلام ومعاناة تستمر لأيام.
وبحسب حديثها لـ المجلة الطبية نقلا عن طبيبها المعالج فقد تجاوزت 80% من مرحلة العلاج، وتخضع الآن لمتابعة دورية كل أربعة أشهر.
علامات الإصابة
يعرف الأطباء سرطان الثدي بأنه نوع من الأورام يظهر في أنسجة الثدي، ومن علاماته تغير في شكل الثدي، وظهور كتلة فيه، وتقشير الجلد، وخروج سائل من الحلمة، أو حلمة مقلوبة حديثًا، أو بقع حمراء أو متقشرة وفي حالة انتشار المرض في الجسم تظهر آلام العظم، وانتفاخ في الغدد الليمفية، وضيق في التنفس أو اصفرار في الجلد.
وبحسب منظمة الصحة العالمية يعتبر سرطان الثدي من أكثر السرطانات شيوعا وانتشارا لدى النساء حيث يصيب 2.1 مليون امرأة كل عام.
قد يهمك..سرطان الثدي قد يصيب أعضاء أخرى في الجسم
وبينما يمثل سرطان الثدي 25% من أنواع السرطانات التي تصيب نساء اليمن، تشير بيانات إدارة الإحصاء، في المستشفى الجمهوري بصنعاء إلى أن إجمالي عدد الحالات المصابة بسرطان الثدي المسجلة على مستوى اليمن خلال عام 2019 بلغت 858 حالة أي بنسبة من 15% إلى 18% من جميع حالات الأورام السرطانية في اليمن.
العيادات الوردية
طالبت نائب مدير مركز الأمل للأورام الدكتورة أسماء أمين ثابت جميع النساء بضرورة إجراء الفحص الذاتي الشهري والدوري، مؤكدة في تصريح لـ المجلة الطبية بأن نسبة الشفاء من سرطان الثدي مرتفعة في حالة اكتشافه في المراحل الأولى وقد تصل إلى أكثر من 95%.
وأوضحت الدكتورة أسماء أن مركز الأمل للأورام التابع للمؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان يقدم جميع الخدمات للراغبات في الكشف ابتداء بالفحص السريري في العيادات “الوردية” والكشف بالأشعة والكشف بجهاز الماموجرام انتهاء بأخذ الخزعة وفحص العينات.
وفي ذات السياق أفادت الدكتورة ثابت بأن المريضة تحصل على الدعم النفسي والمعلوماتي وخارطة علاجية تستعين بها في رحلة التعافي من المرض.. مشيرة إلى أن المركز قام خلال العام 2019م بفحص 9619 امرأة وأخذ عينات “خزع ” من 250 امرأة أظهرت إصابة 182 امرأة بسرطان الثدي.
أهمية التشخيص المبكر
أكد استشاري علاج الأورام والكشف المبكر للسرطان والعلاج بالإشعاع الدكتور علي عبدالله الأشول أن التشخيص المبكر للسرطان يسهم في الشفاء منه بنسبة عالية وبتكاليف أقل.
وأفاد في حديثه لـ المجلة الطبية بأن سرطان الثدي من أنواع السرطانات التي نسب الشفاء منها مرتفعة في حال اكتشاف الاصابة بوقت مبكر حيث تتحكم مرحلة السرطان بنسبة الشفاء.
وطمأن المرضى بعدم صوابية اعتقاد الكثير بأن أخذ الخزعة تساهم في انتشار المرض، قائلا ” إنه اعتقاد خاطئ فالطبيب لا يمكن أن يبدأ الخطة العلاجية بدون التعرف على تفاصيل الورم السرطاني”.
إقرأ أيضاً..فيتامينات تخفف الأمراض التنفسية
ويقول الدكتور الاشول أن “وعي المرأة اليمنية بضرورة الفحص المبكر يرتفع تدريجياً”، مستشهدا بارتفاع عدد الحالات التي تأتي في وقت مبكر من الورم عما كان سابقا، وهو يعني ارتفاع نسبة الشفاء خاصة مع “الالتزام بالخطة العلاجية التي يقررها الطبيب والتي تختلف من حالة لأخرى بحسب طبيعة الورم”.
تتلخص الخطة العلاجية بعد الشفاء، حسب قوله، بالمتابعة الدورية كل أربعة أشهر لمدة عامين وبعدها تصبح المتابعة كل ستة أشهر حتى السنة الخامسة من الشفاء من المرض ومن ثم مرة كل عام.
ويعتبر الدكتور علي عبدالله الأشول أن مرور خمسة أعوام على الشفاء من الورم السرطاني مؤشر ايجابي على الشفاء الكلي منه.
خاضت كل من “منى، حنان، وكاتبة” معركة طويلة مع سرطان الثدي انتهت بالشفاء حيث نجحت منى في التعافي بعد جهد ثمان سنوات من المتابعة فيما شفيت حنان منذ 12عاماً وأصبحت كاتبة في المرحلة النهائية من رحلة الخلاص النهائي من سرطان الثدي لتصبح سنوات العلاج مجرد ذكريات تُحكى ولا تنسى.
أنت مدعو للإشتراك في قناة الطبية في اليوتيوب
المصدر : https://alttebiah.net/?p=12723