القلق.. عدو صحتنا الخطير!
حالة السباق المحموم -بين خطوات مواجهة فيروس (كوفيد-١٩) وبين قدراته التحولية وما ينتجه من سلالات جديدة يصعب التحكم فيها- يعيش العالم حالة من القلق والتوتر، وتلك الأخيرة كانت هي العامل الأبرز في وصول العالم الى ما وصلنا اليه.
وتقف اليوم اليمن وحدها في موقف المتفرج لا تأبه لما يدور هناك، لأنها بشكل عفوي وتلقائي تعاملت مع الجائحة بشكل مختلف أشرنا اليه في مقال سابق على صفحات -المجلة الطبية- تحت عنوان (هل اليمن آمن من كورونا؟)، وأكدنا على أن اللامبالاة وعدم الاكتراث بأخبار الفيروس لعبت دوراً مهماً في إضعاف قدرته على اختراق الجسد اليمني برغم هشاشة النظام الصحي وعدم كفاية الموارد والامكانيات.
وفي السطور التالية أعود مجدداً لتناول القلق وتأثيره، بعد أن أشرت إلى ذلك في الأعداد الماضية من خلال تجارب واقعية عن تأثير القلق في زيادة معدلات ضغط الدم، وهنا نتحدث عن حالات مرضية أخرى.
قد يهمك..كورونا في اليمن.. عام من المواجهة
وبرغم أن ربط القلق بحدوث الإصابات بفيروسات وأمراض البرد والأنفلونزا والهربس نتيجة إلحاق الضرر بجهاز المناعة يبدو أمرا يصعب الاعتقاد بأهميته وقوة تأثيره إلا إن ذلك يبدو جليا تؤكده التجارب والدراسات التي قمت بالإيضاح عنها، فضلا عن عرض تجربتي الشخصية التي تجعلني أبصم يقينا بأن الدراسات العلمية التي أكدت ارتباط القلق بالإصابة بالأمراض هي من المسلمات التي يجب أن نعتقدها كحقيقه لا غبار عليها.
وفي تجربتي الشخصية مع هذا الشتاء، كنت أقف في حالة تفوق واضح على عوامل الإصابة بأمراض الشتاء، حيث أني استطعت تجنب القلق بشأن التعرض للإصابة، ربما لانشغالي بما هو أهم حيث لم أجد لحظات للفراغ أحدّث فيها نفسي عن تلك المخاوف، والتي استمرت الى لحظة معينة حدث فيها خرق ناتج عن التوتر نتيجة ضغوطات العمل نفسها، والتي جعلتني أعيش حالة قلق من أن تتمكن مني نزلات البرد فتؤدي إلى تراكم العمل والذي بدوره سيؤدي الى مزيد من الضغوط والتوترات، وهذا ما حدث بالفعل.
وأمام كم العمل الذي كنا مطالبين بإنجازه وتحت ضغط المطالبات المستمرة من الشركاء المنفذين لبعض الاستحقاقات المالية التي تراكمت بفعل زيادة الضغط على التنفيذ لكثير من الأنشطة مع الاقتراب من نهاية العام الماضي وجدنا أنفسنا من جديد في مواجهة القلق ونحن منزوعي السلاح.
لقد تسربت بعض الأفكار الى ذهني ارتسمت بسببها المخاوف من الإصابة بأمراض الشتاء التي اعتادت أن تزورني في كل عام، ولكنها ولسر لا نعلمه- ربطتها ومعي بعض الزملاء لجرعات من فيتامين سي سواء كأدوية أو تناول الخضروات والفواكه الغنية بذلك الفيتامين الهام في تعزيز مناعة الجسم ومقاومته- كواحدة من ايجابيات حملات التوعية حول مواجهة فيروس كورونا أدت إلى تأخر الإصابة المعتادة.
وهنا أود الإشارة إلى مقولة ولربما هي أثر متناقل يقول (لا تمارضوا فتمرضوا فتموتوا).. والمقصود هو أن استدعاء المرض يبدأ من التفكير بحدوثه وهو هنا التمارض!
فعلا لقد خشيت المرض فدق بابي وأصابني من حيث كنت أحاذر، وغيري الكثير ربما يعانون هذه المشكلة وربما البعض يعانيها بصورة مزمنة تجعل حياته كلها موسومة بالألم والخوف وانعدام الصحة والعافية.
وكان من الضروري أن أقوم بالربط من جديد بين تأثير القلق والإصابة بالأمراض تأكيدا لما أشرت إليه سابقا تحت عنوان (الضغط واللباس الأبيض) وبمزيد من الإيضاح في تناول القلق وتأثيره على الأمراض الفيروسية وفي مقدمتها كوفيد-١٩ وأنفلونزا الشتاء.
ومن أكثر الشواهد إثارة للاهتمام على تأثير التوتر في الحالة الصحية بحوث الأمراض المسببة للعدوى، مثل نزلات البرد، والأنفلونزا، والهربس.
ومن المعروف أننا جميعا نتعرض باستمرار لمثل هذه الفيروسات، لكن جهازنا المناعي يقاومها. أما إذا تعرضنا لتوتر انفعالي، فسنجده يفشل غالبا في مقاومتها. وبينت التجارب التي فحصت فيها مباشرة قوة الجهاز المناعي، أن قوته ضعفت نتيجة التوتر والقلق. ولم يكن واضحا في مثل هذه الحالات اذا كان لضعف المناعة أهمية طبية بحيث تفتح الباب للأمراض ولكن التجارب التي قام بها شيلدون كوهين -السيكولوجي بجامعة كارنجي ميللون- حيث عمل مع علماء وحدات أبحاث أمراض البرد وقاموا بإجراء دراسات أثارت اهتماما علميا كبيرا بإجراء دراسة قيموا فيها حجم التوتر الذي يتعرض له الناس في حياتهم تقييما دقيقا، ثم عرضهم بطريقة نظامية لفيروس البرد.
إقرأ أيضاً..كيف نعزز عدد كريات الدم الحمراء في الجسم؟
وجد كوهين أن الفيروس. لم يصب كل من تعرضوا له بنزلة برد، لأن جهاز المناعة القوي لدى أغلبهم استطاع مقاومة الفيروس، إلا أنه وجد أيضا أنه بقدر حجم الضغوط والتوتر في حياة البعض، فإن الاحتمال الأكبر لإصابتهم بنزلة البرد. حيث أصيب بنزلة البرد 27% فقط من الذين تعرضوا للفيروس، مما يدل مباشرة على أن التوتر ذاته يضعف جهاز المناعة … (كانت هذه النتيجة إحدى النتائج العلمية التي أكدت ما أشار إليه الجميع، وباتت تمثل نقطة تحول لدقتها العلمية).. ونفس النتائج تؤكد تأثير المشاكل الزوجية على حدوث أمراض البرد والجهاز التنفسي والإصابة بفيروس الهربيس بنوعيه! وهو ما يكشف بجلاء أهمية الدور الذي يلعبه القلق في إحداث المراضة وقد يؤدي الى تفاقم الكثير من المشاكل الصحية والوصول بها إلى مراحل يصعب معها العلاج وتؤدي في النهاية الى الوفاة.
وقفات:
١- القلق من المرض قبل حدوثه أو من تأخر الشفاء يضعف قدرة الجهاز المناعي على التصدي لحدوث الإصابات كما أنه يؤدي الى مستوى متدنٍ من دوافع التخلص منه.
٢-الهدوء والراحة والثقة واليقين بما لدينا من إمكانيات وقدرات دفاعية قادرة على مجابهة الفيروسات والأمراض كفيلة بالتصدي لكثير من المشاكل الصحية.
تنويه ..!
مع أخبار ومعلومات عن بدء موجة ثانية لانتشار كورونا في بلادنا ينبغي التنويه إلى أن الحرص والاهتمام بعيدا عن القلق هو المطلوب.. وبذلك وبفضل الله ستتخطى بلادنا هذه الموجة كما تخطت الموجة السابقة.
أنت مدعو للإشتراك في قناة الطبية في اليوتيوب
Source : https://alttebiah.net/?p=14932