المجلة الطبية

عوامل تعيق العدالة الصحية

-
د. أيمن مذكور

كما تفعل كل عام، حددت منظمة الصحة العالمية شعاراً ليوم الصحة العالمي 2021 “بناء عالم أكثر عدلاً وأوفر صحة”، وهذا يقتضي اتخاذ خطوات جادة من أجل تحقيق ذلك.

يعتبر توفر الخدمات الصحية بعدالة لجميع شعوب العالم من المبادئ والحقوق الإنسانية الأساسية التي يقع تحقيقها على عاتق الجميع لكن الواقع الذي لاحظناه خلال السنوات السابقة يثبت العكس، حيث يوجد تفاوت كبير في مدى توفر الخدمات الصحية داخل كل دولة بالإضافة للتفاوت بين الدول بعضها البعض وهذا التفاوت يرجع للعديد من العوامل الداخلية والخارجية والتي تشمل ما يلي:

إقرأ أيضاً..الصيدلاني والعدالة الصحية

– الحقيقة أن انتشار وباء كوفيد-19 في مختلف بلدان العالم قد جعل مدى الالتزام بالقيم الإنسانية بين دول وشعوب العالم على المحك، فقد لاحظنا انتهاج سياسة الاحتكار للأدوية والمستلزمات والتجهيزات الخاصة بالوقاية والفحص والمعالجة من الفيروس التي مارستها بعض الحكومات بصورة تتنافى مع أدنى معايير القيم الإنسانية ومبادئ العدالة والمساواة، حيث عمدت بعض الحكومات لمنع تصدير الأدوية والمستلزمات للدول الأخرى وهذه الإجراءات تسبب في ارتفاع معدل الوفيات في البلدان الفقيرة، بل أن معدل الوفيات كان أعلى بين الفئات الأشد فقراً مقارنة بفئة الأغنياء داخل الدولة الواحدة.

قد يهمك..مياه الشرب وتسمم الأسنان

– إن انتشار وباء كوفيد-19 مؤخراً في كل دول العالم أثبت بما لا يدع مجالاً للشك بأن الأوبئة لا تعترف بالحدود بين الدول والشعوب فلن تكون أي دولة بمعزل عن الوباء مهما كانت إمكانياتها المادية والبشرية ولذلك يجب التفكير جدياً بضرورة التعاون بين مختلف دول وشعوب العالم في مجال مكافحة الأوبئة والسيطرة عليها من خلال تسخير كل الإمكانيات تحت مظلة واحدة ودون تمييز من أجل الوصول لمستويات مقبولة من العدالة والمساواة في الحصول على الخدمات الوقائية والعلاجية ضد مختلف الأمراض والأوبئة في كل دول العالم.

إن الدعم السياسي والاهتمام بالقضايا الصحية من قبل قادة وزعماء الدول يعد من الأمور الحاسمة وسيلعب دوراً مهماً في تسهيل وتحقيق شعار “بناء عالم أكثر عدالة وأوفر صحة” ولعل التفكير والتخطيط لعقد مؤتمر دولي يشارك فيه كل زعماء ورؤساء وملوك دول العالم لوضع وإقرار مبادئ العدالة الأساسية لمكافحة الأوبئة سيمثل تجسيداً للدعم السياسي المطلوب في الوقت الراهن، إنني اليوم مؤمن بضرورة التعاون المشترك لتعزيز الدور القيادي لمنظمة الصحة العالمية كجهة محايدة تظم الجميع وذلك من خلال حشد وتقديم مزيد من الدعم السياسي والقانوني والمادي المطلوب لتنفيذ أنشطة مكافحة الأمراض والأوبئة في مختلف دول العالم بعدالة ودون تمييز.

* وكيل سابق لوزارة الصحة المساعد لقطاع التخطيط والتنمية الصحية

أنت مدعو للإشتراك في قناة الطبية في اليوتيوب

Exit mobile version