فيروس الكبد.. عدوى صامتة تداهم أطباء اليمن
المجلة الطبية_ أمـرية المريطي|
“عشرون عاما مضت على إصابتي بفيروس الكبد B “؛ بهذه العبارة بدأ الاربعيني الدكتور نبيل علي -اسم مستعار- الحديث عن الفيروس الذي اقتحم حياته وألزمه التعايش معه ليصبح بعدها حاملا المرض.
الدكتور علي الذي يعمل مديرا عاما للمختبر في أحد المستشفيات الحكومية بالعاصمة صنعاء أوضح في حديث -لـ المجلة الطبية- أن سنوات العمل الطويلة والصراعات التي عصفت في البلاد جعلته لا يتذكر كيف ومتى أصيب بالضبط.
ويعرف فيروس الكبد “HBV” وفقا لمنظمة الصحة العالمية بأنه التهاب يصيب الكبد يمكن أن يشفى ذاتياً من دون علاج أو يتطور ليصبح تليفاً (تندّب الكبد) أو تشمّعاً أو سرطاناً يلحق بالكبد.
وبحسب المنظمة فإن فيروسات الكبد التي تعد من أكثر أسباب الإصابة بالالتهاب شيوعاً في العالم يمكن أن ينجم أيضاً عن أمراض أخرى أو تناول بعض المواد مثل الكحول وبعض الأدوية، بالإضافة إلى الإصابة بأمراض المناعة الذاتية.
أعراض الإصابة
ويقول الدكتور علي “لم تظهر أعراض المرض ” تلك أحد أهم الاسباب التي جعلتني لا أتذكر متى وقعت في فخ الإصابة، مؤكدا أنه ظل حريصا في تعامله حتى لا ينقل العدوى لأحد، ورغم أنه حصل على العدوى من المستشفى الذي يعمل فيه إلا أن المستشفى لم يقدم له أي أدوية مضادة للفيروسات.
وتشير الكثير من الدراسات والبحوث العلمية التي نشرت في مواقع طبية أن فيروس الكبد “B ” يعتبر “عدوى صامتة ” لأنه غالبًا لا يتسبب في ظهور أي أعراض، إذ يشعر معظم الأشخاص أنهم بصحة جيدة ولا يعرفون أنهم مصابون، ما يعني إمكانية نقلهم للفيروس للآخرين دون علمهم.
قد يهمك..فيروس الكبد الوبائي في اليمن
ووفقا للدراسات فقد يعاني بعض المصابين من أعراض خفيفة مثل الحمى أو التعب أو آلام المفاصل أو العضلات أو فقدان الشهية، لذلك قد يحدث خلط بين هذه الأعراض وأعراض الأنفلونزا العادية.
أنواع فيروس الكبد
ووفقا للمنظمة؛ يحدث التهاب الكبد A وE، غالبا، نتيجة تناول أغذية أو مياه ملوّثة، أمّا التهابات الكبد B وC وD فتحدث، عادة، نتيجة اتصال مع سوائل الجسم الملوّثة عن طريق الحقن، ومن الطرق الشائعة أيضا لانتقال تلك الفيروسات تلقي دم ملوّث أو منتجات دموية ملوّثة، واستخدام معدات ملوّثة.
فيما قد ينتقل مرض التهاب الكبد B عبر العدوى من الأم إلى طفلها أثناء الولادة، ومن أحد أفراد الأسرة إلى الطفل، وكذلك عن طريق الاتصال الجنسي.
ويوضح أخصائي الكبد الدكتور أمين عبد الرب البذيجي -في دراسة قدمها في مؤتمر طبي عن انتشار HBV بين الكادر الصحي عقد في مدينة الإسكندرية المصرية خلال عام 2019م- أن الإصابة بفيروس الكبد يمكن أن تحدث عن طريق التعرض لآلة حادة أو عند وقوع بعض الحوادث.
كما قد تحدث الإصابات أثناء إعادة تدوير الحقن “الشرنجات” أو عن طريق التخلص غير السليم منها، أضف إلى ذلك عدم القدرة على توفير معدات الوقاية الشخصية المناسبة، وفشل العامل أو الطبيب في استخدام المعدات الطبية.
ويؤكد الدكتور البذيجي أن مقدمي الخدمة الصحية أكثر تعرضا للإصابة بفيروس الكبد B، نظرا لتعاملهم اليومي مع الحالات المصابة بهذا الفيروس وتعتبر الإصابات عبر الحقن شائعة الحدوث في بيئة الرعاية الصحية أثناء عمليات نقل الدم، أو إعطاء الحقن العضلي أو الوريدي إذ تمثل نسبة الإصابة بواسطة الوخز بالإبر الملوثة 66% .
وأوضح أن القطع بواسطة المشارط الجراحية والأدوات الحادة المستخدمة في الجراحة والمجارحة والخدوش بأنواعها من أهم طرق انتقال العدوى، بالإضافة إلى تناثر رذاذ المرضى على شكل قطرات تصيب الأغشية المخاطية للفم والأنف وكذا التعامل مع دم أو البلازما الملوثة.
ويشير الدكتور أمين في دراسته الى أن العدوى قد تنتقل إلى الطبيب عن طريق الإبر المستخدمة لخياطة الجروح أو أثناء محاولة إعادة غطاء الحقنة، أو اثناء إعادة استخدام أدوات الجراحة الدقيقة الملوثة.
ووفقا للبذيجي تعتبر اليمن من أكثر البلدان في الشرق الأوسط انتشارا لفيروس الكبد B حيث أثبتت البحوث التي أجريت على الكادر الصحي في المستشفيات أن نسبة انتشار الفيروس بلغت 9,9% وهي نسبة عالية مقارنة بالأقطار المجاورة ويعكس هذا الرقم ارتفاع نسبة انتشار الفيروس بين أفراد المجتمع.
الوقاية من العدوى
تفيد الدراسات والبحوث العملية حول هذا المرض بأن الأشخاص المصابين بعدوى التهاب الكبد “B” المزمن قد يحتاجون إلى علاج دوائي، وقد لا يحتاجون لذلك، وتنقسم العلاجات الحالية إلى فئتين عامتين، هما الأدوية المضادة للفيروسات ومُنظِّمات المناعة.
وبينما تعمل الأدوية المضادة للفيروسات على إبطاء تكاثر فيروس التهاب الكبد B أو إيقافه؛ مما يقلل التهاب الكبد وتضرره، وتؤخذ هذه الأدوية على هيئة قرص واحد في اليوم لمدة سنة على الأقل، وعادة ما تكون المدة أطول من ذلك، تعمل الأدوية المناعية على تقوية جهاز المناعة حيث تساعد على السيطرة على الفيروس، ويتم إعطاء المصاب عبر الحقن لفترة تتراوح من 6 أشهر إلى سنة.
وللوقاية من الإصابة يؤكد الدكتور البذيجي في الدراسة أهمية توفير لقاح ضد فيروس الكبد B وتطعيم كل الكادر الطبي بثلاث جرعات مجانية، مؤكدا على أن القاح هو الوسيلة الأساسية لمنع العدوى.
إقرأ أيضاً..علامات مؤكدة على إصابة الكبد بالتلف
كما يشدد على ضرورة توفير المصل ضد فيروس الكبد في المستشفيات والمؤسسات العلاجية وإعطائها حالا لمن تعرض للعدوى من الكادر الصحي، وكذا أهمية تعقيم الأدوات الجراحية وعدم استخدام بعض الأدوات الجراحية لأكثر من مرة، وتوفير المطهرات في الأقسام وغرف الجراحة والطوارئ.
ويوصى الدكتور البذيجي بأهمية بتوفير وسائل محكمة الإغلاق للتخلص من الأدوات الحادة مع وضع الإشارات الخاصة الدالة عليها، وكذا التعامل بحذر مع الدم ومشتقاته ومعاملته كمادة معدية، واتباع إرشادات مكافحة العدوى في المستشفيات.
ويحث على استخدام حامل الأدوات بدلا من الأصابع عند التعامل مع الإبر وتحميل المباضع، وتجنب تبادل الأدوات الحادة يدوياً، وكذا نشر الوعي الصحي بخطورة الإصابة بالفيروسات المنقولة عن طريق الدم وإقامة الدورات التدريبية المستمرة.
ويؤكد الدكتور اخصائي الكبد الدكتور البذيجي أيضا على أهمية إعطاء مصل الجلو بولين المناعي (“IVIG”) للحماية بعد التعرض لفيروس التهاب الكبد B ويحتوي المصل على مضادات من الإنسان تمنح الجسم مناعة خلال عدة أيام، حيث يتم جمع الغلوبولينات المناعية من دم أشخاص متبرعين بعد خضوعهم لفحص وقائي لمنع نقل الفيروسات والأمراض.
وتُساعد الغلوبولينات المناعية على التخفيف من حدة الالتهابات لدى المرضى الذين يعانون من خلل في جهاز المناعة والذين يكونون أكثر عرضة للإصابة بالالتهابات مثل التهاب فيروس الكبد وكذا الفيروس المضخم للخلايا وفيروس الإيدز المنقول وراثيًا لدى الأطفال.
أنت مدعو للإشتراك في قناة الطبية في اليوتيوب
المصدر : https://alttebiah.net/?p=15913