تكيُّس المبيض.. اضطراب هرموني يحرم يمنيات من الإنجاب
المجلة الطبية_أمـــرية المريطي|
اقترب موعد زفاف الثلاثينية الهام سالم, فتضاعف قلقها من الزيادة في وزن جسمها الذي ظهر مؤخرا بشكل متسارع، وباءت محاولاتها لإنقاص وزنها بالفشل.
لم تكن الزيادة في الوزن هو التغير الوحيد، تقول سالم -لـ المجلة الطبية “- لقد فوجئت مؤخرا بنمو شعر كثيف في أماكن مختلفة، صاحب هذا التغير عدم انتظام الدورة الشهرية”.
ورغم ذلك لم تهتم كثيرا لهذا التغير المرضي، فقد كانت تذهب صباحا إلى مقر عملها في إحدى الوزارات بصنعاء، بينما تذهب مساء لتلقي “كورسات” في إحدى معاهد تعلم اللغة الانجليزية .
اقتراب موعد زفافها هو فقط من جعلها تلتفت لكل تلك التغيرات، لكنها لم تكن تمتلك الوقت الكافي لاستشارة أخصائية، وبحسب سالم, فقد كان أول نشاط لها بعد انقضاء إجازة الزواج أواخر شهر يونيو الماضي هو زيارة الأخصائية التي أخبرتها بأنها مصابة بمتلازمة تكيّس المبايض.
وبينما حصلت سالم على استشارة الأخصائية بعد زواجها بشهر لتبدأ خطة العلاج حرمت سلوى مفتاح -32 عاما- من الحمل على مدى عشر سنوات، قبل أن تخبرها الطبيبة بأن تكيّس المبايض هو السبب في عدم حدوث الحمل.
تقول مفتاح التي تعيش في سمارة “منطقة ريفية وسط اليمن” أنها زارت الكثير من الطبيبات على فترات متقطعة ومعظمهن كُنَّ يؤكدن بأنها لا تعاني من أي مشاكل متعلقة بالحمل “بعضهن أوصينني بفيتامينات وعلاجات لم تنفع وأصبحت شبه يائسة من حدوث حمل”.
قد يهمك..عدن تخصص منصة إلكترونية للقاح كورونا والتسجيل متاح لكل اليمنيين
لقد استغلت وجودها في صنعاء لأمر عائلي وزارت مستشفى السبعين منتصف فبراير/شباط 2020، وهناك أخبرتها الأخصائية بأنها مصابة بتكيّس المبايض، وبدأت رحلة علاجها لترزق بطفلها الأول في مايو/أيار الماضي .
ساهم التشخيص المتأخر في كشف مرض مفتاح الذي حرمها من حقها بإنجاب أطفال أصحاء، غير أنها لم تكن الوحيدة التي تجهل طبيعة مرضها الذي جلب لها ضغوطا نفسية بسبب التأخر في الحمل، وهذا ما تتعرض له الكثير من النساء في اليمن بسبب ضغط ولوم المجتمع المحيط بها في ظل ضعف الوعي بتفاصيل الأسباب خاصة في الأرياف والقرى نظرا لعدم توفر الخدمات الصحية بشكل كاف.
وفي هذا السياق تعرف استشارية أمراض النساء والتوليد والعقم بمستشفى سيبلاس بالعاصمة صنعاء الدكتورة وفاء القاضي, تكيس المبايض أو ما يعرف باسم متلازمة تكيس المبيض “Polycystic ovary syndrome” بأنه اضطراب ناتج عن اختلال التوازن الهرموني الذي يؤثر على عمل مبيض المرأة .
وتوضح في حديثها -لـ المجلة الطبية- أن متلازمة تكيّس المبايض والتي تعرف أيضاً باسم “متلازمة المبيض متعدد الكيسات” بأنها مرض يصيب النساء في سن الإنجاب ويعتبر أحد الأسباب الرئيسية لضعف الخصوبة لدى الإناث, ويحدث في الغالب عندما تكون هناك زيادة في هرمون الأندروجين”هرمون الذكورة” ومقاومة لهرمون الأنسولين “هرمون يساعد الجسم على استخدام الجلوكوز للحصول على الطاقة، ويتم إنتاجه من قبل خلايا بيتا في البنكرياس”.
وفي هذا السياق يصنف مكتب الأمم المتحدة لصحة المرأة, متلازمة تكيس المبايض كأحد أهم أسباب العقم عند النساء، حيث يؤثر إفراز هرمونات الذكورة بشكل مفرط على قدرة النساء على إنتاج بويضات سليمة مما يفقدهن القدرة على الحمل والإنجاب.
وهنا توضح الدكتورة القاضي أن المبيض في وضعه الطبيعي ينتج مستوى قليلا من هرمونات الذكورة الإندروجين ، وعندما يرتفع مستواه بسبب اضطراب في الهرمونات، يحدث التصاق أكياس حول المبايض تكون أشبه بالعقد وتظهر خلال الفحص بالموجات فوق الصوتية ويطلق عليها المتلازمة الخاصة بتكيسات المبايض.
ووفقا للدكتورة, تميل مستويات هرمون الاستروجين إلى أن تكون في المعدل الطبيعي” 30 – 400″ بينما يكون هرمون التستوستيرون أعلى من النسب الطبيعية لدى النساء المصابات بمتلازمة تكيّس المبايض.
وتفيد استشارية النساء والتوليد أن مرض تكيّس المبيض بات منتشرا بين الفتيات ولم يكتشف إلى الآن السبب الرئيسي المؤدي للإصابة، مشيرة إلى أن عددا من الأطباء توصلوا إلى أن التغذية لها دور في تكيّس المبيض، خاصة تلك التي تحتوي على مواد حافظة قد تساهم في إضعاف المناعة وبالتالي الإصابة بالتكيّس، بالإضافة إلى أسباب أخرى وراثية وبيئية.
وبينما لا توفر أي إحصائيات حول نسبة المصابات في اليمن، تشير دراسات أوروبية إلى أن المتلازمة تنتشر بين نساء أوروبا بنسبة تتراوح بين 6.5 إلى 8%.
إقرأ أيضاً..تعرف على سلالة كورونا التي أرعبت العالم
وجد باحثون في جامعة برمنغهام في المملكة المتحدة أن النساء المصابات بمتلازمة تكيّس المبايض لديهن فرصة أعلى بنسبة 51 في المائة للإصابة بعدوى “كوفيد-19” المؤكدة أو المشتبه بها مقارنة بالنساء غير المصابات. |
أما في ما يتعلق بأعراض الإصابة فتعدد الدكتورة القاضي مجموعة منها, مثل عدم انتظام الدورة الشهرية أو انقطاعها، ظهور الشعر بشكل كثيف في أماكن مثل الوجه والصدر، حب الشباب , الزيادة في الوزن، لافتة إلى اختلاف الأعراض ومستوى شدها بين النساء.
وبحسب الأخصائية فقد لا تلاحظ المرأة أي من تلك الأعراض رغم إصابتها، وهذا ما حدث مع الثلاثينية هناء محمد ،خريجة إعلام ، والتي لم تكن تعاني أي من تلك الأعراض التي تم ذكرها.
تقول هناء -لـ المجلة الطبية- “لم تظهر علي أي من الأعراض التي تتحدث عنها الطبيبات ولم أكن أعاني من أي ألم” مؤكدة أن ما دفعها لزيارة الطبيبة هو تأخر الحمل، لتتفاجأ بأنها مصابة بتكيس المبايض.
وهنا تبين الدكتورة القاضي أن تشخيص متلازمة تكيس المبايض يعتمد على ثلاثة أشياء وهي انقطاع الدورة الشهرية وزيادة منسوب الأندروجين واضطراب في نسب الهرمونات المتعلقة بالبويضات والحليب عند المرأة بالإضافة إلى استخدام أشعة الموجات فوق الصوتية.
وتنصح النساء ممن تظهر عليهن الأعراض المذكورة سابقا زيارة الأخصائية لمعرفة حقيقة وضع المبيض وسلامة قدرته على القيام بوظيفته، ومن ثم الحصول على التدخل المناسب، لأن هذه المتلازمة تظل ملازمة للمبيض ولا يوجد علاج محدد لها , مضيفة ” يمكن التحكم بالأعراض التي تسببها المتلازمة عن طريق وضع خطة علاجية متكاملة، تتضمن تناول بعض الأدوية التي تهدف إلى زيادة الخصوبة والتقليل من خطر حدوث مضاعفات متلازمة تكيّس المبايض كأمراض القلب والسكري”.
وبحسب الدكتورة القاضي يعتمد العلاج أيضا على تغير نمط الحياة وإنقاص الوزن والتمارين الرياضية، بالإضافة إلى اتباع نظام الأكل الصحي الذي يمكن أن يساعد في التحكم في مستويات الأنسولين لدى المرأة المصابة ، كما يلعب عقار ميتفورمين و مضادات الأندروجين دورا في متلازمة تكيس المبايض .
من جانبها تنصح أخصائية التغذية شذى أبو النادي -في حوارها في مقابلة صحفية سابقة- المرأة بتناول ست وجبات خلال اليوم بدلا من ثلاث، مع مراعاة أن تكون كمية السعرات الحرارية الموجودة في وجبة الإفطار أكثر من بقية الوجبات خلال النهار.
وتشدد على ضرورة الابتعاد عن الأطعمة التي يضاف إليها سكر خلال عملية التصنيع مثل المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والحلويات، وتفادي الأطعمة ذات المؤشر الجلايسيمي المرتفع قدر الإمكان، وهو مقياس للتعبير عن مدى سرعة الأطعمة المحتوية على الكربوهيدرات في رفع مستويات السكر في الدم.
أنواع التكيّس1- متلازمة تكيّس المبايض نتيجة مقاومة الأنسولينيعد هذا النوع من أكثر الأنواع شيوعاً ويحدث بسبب الإكثار من تناول السكريات والدهون المتحولة مما ينتج عنه زيادة في إفراز الأنسولين في الدم , حيث يؤدي ارتفاع مستويات الأنسولين في الجسم وقت التبويض إلى تحفيز المبايض لإفراز هرمون التستوستيرون.2- متلازمة تكيس المبايض الناشئة من حبوب منع الحمليعد هذا النوع أكثر الأنواع شيوعاً من متلازمة تكيّسات المبايض، خصوصاً إذا كانت الدورة الشهرية تأتي بانتظام قبل تناول هذه الحبوب ويحدث هذا النوع نتيجة تناول حبوب منع الحمل التي تعمل على تثبيط عملية التبويض.3- متلازمة تكيّس المبايض الالتهابيةيحدث هذا النوع نتيجة التهاب سواء كان بسبب التوتر والقلق أو تلوث البيئة أو تناول الأطعمة التي تحفز الالتهاب مثل الجلوتين أو اللاكتوز.و يؤدي إلى خلل في إفراز الهرمونات والذي بدوره يمنع حدوث التبويض وهناك بعض الأعراض التي تدل على أن المريضة تعاني من هذا النوع مثل الصداع وحساسية الجلد والعدوى المتكررة، كما أن تحليلات الدم تكشف عن نقص في فيتامين د.4- متلازمة تكيس المبايض الخفيةيضم هذا النوع العديد من الأسباب المختلفة, وقد يكون مرض الغدة الدرقية أو عدم تناول اليود بكميات كافية أو إتباع بعض الحميات الغذائية التي تؤدي إلى نقص في الزنك مثل الحمية النباتية أو الإكثار من تناول المحليات الصناعية. |
أنت مدعو للإشتراك في قناة الطبية في اليوتيوب
المصدر : https://alttebiah.net/?p=16453
