رغم استمرار الحرب والحصار والأزمة الإنسانية، إلا أن اليمن ما يزال يعد ويخطط لمستقبل صحي آمن وبعيداً عن الفيروسات والأمراض المعدية، إذ شرع مطلع أغسطس الجاري في إعداد خطة استراتيجية وطنية لمكافحة فيروسات الكبد، بعد أن أصبح العالم يشكو منها نتيجة لارتفاع وفياتها المقدرة بحالة كل 30 ثانية.
وفي سبيل تحويل هذه الخطة إلى مشروع طموح وواقعي، احتضنت خلال يومي (4 و 5) أغسطس الجاري، القاعة العلمية لشركة شفاكو للصناعات الدوائية ـ وهي المؤسسة الراعية للفعاليتين ـ نقاشات مستضيفة علمية، وواقعية، من قبل 40 استشاري وأخصائي أمراض الكبد ومدراء بنوك الدم، شاركوا في الندوة العلمية واللقاء التشاوري، التي نظمتها وزارة الصحة ممثلة بالإدارة العامة للترصد الوبائي والبرنامج الوطني لالتهاب الكبد الفيروسي.
بعد يومين من الحوار العلمي المكثف والعميق حول إعداد “الخطة الاستراتيجية الوطنية لالتهاب الكبد الفيروسي” في اليمن.. خرج المشاركون بإحدى عشرة توصية لحماية الكبد اليمني من الفيروسات.
وبحسب المشاركين, فإن التوصيات تصب ضمن الأهداف الرئيسية للفعاليتين اللتين ركزتا على ضرورة الحد من الإصابات الجديدة بالتهاب الكبد الفيروسي.. وإنشاء وتعزيز نظام ترصد لالتهاب الكبد الفيروسي، وتحسين رعاية المصابين بالالتهاب، وتعزيز التنسيق القطاعي مع الجهات ذات العلاقة وشركاء التنمية.
وتندرج التوصيات الـ12 تحت 5 محاور رئيسية, لا تقل أهمية أحدها عن الآخر , بحسب المشاركين, يتصدرها محور مكافحة فيروس الكبد من خلال العلاج بثلاث توصيات, شددت على إعداد دليلين وطنيين، أحدهما لمكافحة التهاب الكبد الفيروسي وآخر لمعالجة التهاب الكبد الفيروسي.
التوصيات -التي حصلت “المجلة الطبية” على نسخه منها.. أكدت أيضا على ضرورة التنسيق مع المستشفيات التي لديها إمكانيات.. لفتح وحدة خاصة لمعالجة أمراض الكبد, والتشجيع على إقامة مخيمات طبية لمعالجة المرضى. إضافة إلى متابعة مدى تطبيق مكافحة العدوى في مرافق الرعاية الصحية.
جانب من الندوة العلمية لالتهاب الكبد الفيروسي
ويتضمن المحور الثاني تشجيع التصنيع الدوائي المحلي لتصنيع أدوية الكبد, لتسجل شركة شفاكو هنا نفسها أول شركة تصنيع وطنية, مبدية استعدادها التام لإنتاج الأدوية الخاصة بمعالجة أمراض الكبد وفيروساته.. بحسب حديث مديرها العام الأستاذ أحمد الشهاري لـ “المجلة الطبية”.
بينما ركز المحور الثالث على إجراء فحوصات فيروسات الكبد لجميع النساء الحوامل وحث فئات المجتمع المستهدفة لعمل الفحص الطوعي لاكتشاف التهاب الكبد مبكرا.
أما المحور الرابع فقد كان خاصاً بالتوعية المجتمعية حول التهاب الكبد الفيروسي.. وإلزام المؤسسات الإذاعية والتلفزيونيات الحكومية بإدراج مواضيع التهاب الكبد الفيروسي ضمن خطة برامجهم السنوية.
ولم تكن الأبحاث العلمية والمؤسسات التنموية بعيدة عن التوصيات, إذ حرص المشاركون في المحور الخامس على التنسيق مع الجامعات الحكومية والخاصة للاهتمام بأبحاث التهاب الكبد الفيروسي، وأهمية تعزيز الشراكة مع شركاء التنمية.
وفي الشأن ذاته، تقول مدير البرنامج الوطني لالتهاب الكبد الفيروسي، الدكتورة ليبيا مهيوب -لـ”المجلة الطبية” في معرض تعليقها على التوصيات.. إنها ” تطرقت لمواضيع غاية في الأهمية، بهدف الحد من انتشار التهاب الكبد”.. مؤكدة سعي البرنامج الوطني لتحقيقها. ومشددة على ضرورة اهتمام منظمة الصحة العالمية والمنظمات الأخرى بتمويل البرنامج حتى يستطيع الوصول للهدف المنشود وتحقيق استراتيجية منظمة الصحة العالمية للقضاء على التهاب الكبد الفيروسي بحلول عام 2030.
وقالت أنه سيتم رفع الخطة الاستراتيجية الوطنية لالتهاب الكبد الفيروسي للجهات العليا حسب الموعد 15 أغسطس 2021. مؤكدة أن خطة الاستراتيجية الوطنية لالتهاب الكبد الفيروسي سترفع للجهات العليا في الخامس عشر من أغسطس الجاري.
وأشادت الدكتورة مهيوب، بدعم شركة شفاكو للبرنامج الوطني لمكافحة التهاب الكبد الفيروسي للعام الثاني على التوالي.. في إقامة الندوة العلمية واللقاء التشاوري لإعداد الخطة الاستراتيجية الوطنية لالتهاب الكبد الفيروسي.
جانب من الندوة العلمية لالتهاب الكبد الفيروسي
في هذا السياق، طالب المشاركون في الندوة واللقاء التشاوري، منظمتي الصحة العالمية واليونيسف وكتلة الصحة المحلية والدولية.. بوضع مكافحة أمراض الكبد الفيروسية في أولوية اهتماماتهم، والبحث عن مصادر لتمويل الخطة الاستراتيجية للبرنامج الوطني لالتهاب الكبد الفيروسي.. وتعزيز البنية التحتية للبرنامج الوطني لمكافحة التهاب الكبد الفيروسي، وتزويده بكادر متخصص.
وحول إمكانية تصنيع أدوية أمراض الكبد محلياً ، أكد مدير عام شركة شفاكو للصناعات الدوائية، أحمد الشهاري -لـ”المجلة الطبية”- امتلاك “شفاكو” الإمكانيات الفنية والعلمية لإنتاج الأدوية الخاصة بأمراض الكبد.
وأكد الشهاري استعداد “شفاكو” الكامل لاستضافة فعالية الكبد الفيروسي بشكل مستمر، ودعم كل ما له علاقة بتحقيق وتوفير الصحة للمجتمع اليمني، إيماناً منها بأهمية دور الرأسمال الوطني في المساهمة الفاعلة لتحسين خدمات الصحة في البلاد.
وكانت القاعة العلمية لشركة شفاكو للصناعات الدوائية احتضنت يومي الأربعاء والخميس الماضيين، أربعين استشارياً ومدراء بنوك دم وأخصائيين وبائيين، بهدف وضع اللبنات الأولى للخطة الاستراتيجية الوطنية لالتهاب الكبد. بعد أن أعلنت منظمة الصحة العالمية نهاية يوليو الماضي وفاة شخص كل 30 ثانية في العالم بسبب فيروسات الكبد.
وجاءت الندوة، امتداداً لفعاليات اليوم العالمي لالتهاب الكبد الفيروسي الذي تحييه منظمة الصحة العالمية يوم الـ28 من يوليو سنوياً.
والتهاب الكبد الفيروسي مرض معدٍ وخطير يصيب الكبد وينتج عن إصابة واحد من خمسة فيروسات لالتهاب الكبد “A، B، C، D،E”.. وتوجد أنواع أخرى غير مصنفة، أو غير واضحة، الارتباط بالمرض مثل فيروس التهاب الكبد “G”.
وتقول منظمة الصحة العالمية إن نسبة الوضع الوبائي في اليمن بالنسبة لفيروس الكبد، من 2% الى 8% وفيروس الكبد سي من 2- 2.2%.. في حين أعلنت إدارة الترصد الوبائي بوزارة الصحة في صنعاء، نهاية العام الفائت.. أن حالات الإصابة بالتهاب الكبد البائي في اليمن بلغت من 3 إلى 7 % من إجمالي عدد سكان اليمن.. أي “مليون و 500 ألف حالة، وأن حالات الإصابة بالتهاب الكبد سي ( C).. تتراوح ما بين 1 إلى 3 % من إجمالي عدد السكان بواقع تقريبي 500 ألف حالة.
