عبدالملك الجرموزي
يصارع المواطن اليمني في جبهات عديدة، في سبيل الابقاء على حياته كيفما اتفق، مستغلا الحدود الدنيا من أسباب البقاء في ظل تراجع وانهيارات متتالية للخدمات وسبل العيش.
وتعد الصحة من أهم الجبهات التي يخوض المواطن فيها صراعا مريرا .. يتوفق في الحفاظ عليها مرة و يخفق مرات .. فالأوبئة والأمراض تستقوي على الطرف الذي لا يمتلك الأسلحة المناسبة لمقاومتها، ولذلك فان تأثير الأوبئة العالمية على المجتمعات المتقدمة أقل بكثير منها في المجتمعات الفقيرة.
هنا نفتح نافذة على الكبد اليمني الذي تقول منظمة الصحة العالمية إن الوضع الوبائي بالنسبة لفيروس الكبد، يتراوح من 2% الى 8% وفيروس الكبد سي من 2_ 2.2%، في حين أعلنت وزارة الصحة في صنعاء، نهاية العام الفائت، أن ما يقارب “مليون و 500 ألف حالة يعانون من الاصابة بالتهاب الكبد البائي.
قد يهمك..اليمن.. إحصائية رسمية بإصابات كورونا خلال آخر أربعة أيام
هل يشعر أحد بالفزع الحقيقي من هذه الأرقام ، ويعمل بجد من أجل انخفاظها ؟.
المتابع للوضع الصحي يعرف أن الإجابة هي “لا” كبيرة، فكل هذا يحدث بينما يتجاهل العالم حجم المعاناة التي يقاسيها المواطن بشكل يومي وتتضاعف بين الحين والآخر كنتيجة لأفعال وتصرفات يشارك الجميع في إحداثها .. الجميع ابتداء بالمواطن نفسه والسلطات المسؤولة والقوى الدولية والاقليمية.
ورغم الاحصائيات المفزعة، والتي قد تكون أقل بكثير مما يعتمل في الواقع، إلا أن احدا لم يقم بتقديم أي نوع من الدعم للبرامج والجهود الوطنية التي يتركز نشاطها حول مكافحة توسع هذا الوباء.
الأمر هنا ليس سراً ، أو أن الآخرين لا يعرفون حجم الكارثة .. اطلاقا، الكل يدرك تماما ما الذي يحدث .. وما هي النتائج التي نحن قادمون عليها، وقد سبق وأن قالت مسؤولة رفيعة في منظمة الصحة العالمية في تصريحات خاصة بـ”المجلة الطبية” أن “اليمن لن يتمكن من السيطرة على المرض إلا بتضافر جهود المؤسسات الحكومية والمنظمات المحلية والدولية”.
هذه الجهود لم تتضافر حتى الآن، ولا نعلم متى يمكن أن تتضافر، وإلى أن يتم هذا التضافر سيستمر كبد اليمني في صراعه المرير مع الفيروسات بأنواعها.
إقرأ أيضاً..اليمن.. استعدادات لإعلان استراتيجية وطنية لمكافحة التهاب الكبد الفيروسي
ربما لا نحتاج الى الكثير من أجل التخلص من هذا الوباء، فمثلا التوعية فقط كفيلة بتجنيب الملايين الإصابة، خاصة وطرق الإصابة يمكن تجنبها في حالة معرفتها، ويبقى وضع الخطط وتمويل تنفيذها لمعالجة المصابين وتوفير الرعاية اللازمة حتى يتمكنوا من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي.
ومع كل هذا فإن إصابة الكبد بهذه الفيروسات والالتهابات، لا يعني نهاية الحياة، لكن الوعي والمعرفة بتفاصيل هذه الأمراض أمرا بالغ الأهمية، فكي تستطيع” مواجهة أي أخطار قد تتعرض لها عليك معرفة خصمك جيداً” وستكتشف أن التغلب عليه ليس صعباً، عليك فقط تعزيز وعيك، وعدم منحه فرصة التسلل إلى جسدك.
علينا كمجتمع، أن نتماسك أمام الأوبئة، كي نستطيع التعامل معها وفق ما هو متاح من إمكانيات، مع الحرص على أن الوقاية واتباع الإرشادات الاحترازية من شأنها وقايتنا من الإصابة بالأمراض الوبائية، وطبعاً في مقدمتها التهابات الكبد.
حسنا .. يمكننا قول الكثير من الكلام حول هذه القضية الطبية المهمة ، لكن الحقيقة التي لا صديق لها تقول بأن كبد اليمن لن يتعافى تماما إلا إذا تعافى عقلها.
*مدير تحرير المجلة الطبية