د. سعيد بامشموس
هشاشة العظام: بين المخاطر والتفاؤل
سيشهد القرن الحادي والعشرون التغّير الأكبر في البنية العمرية للمجتمع الإنساني في التاريخ.. في سنة 2015 ، وصلت نسبة الأشخاص الذين بلغوا الـ 60 من العمر وما فوق إلى 12 % من إجمالي الـ 7.3 مليار نسمة حول العالم، وتتوقع الأمم المتحدة أنه بحلول سنة 2050 سيزيد عدد البشر ليتجاوز 9.7 مليار نسمة ومن بينهم 2.1 مليار نسمة ممن تجاوزوا الستين من العمر.
وفي حين أن هذا الواقع يعتبر بمثابة معجزة من حيث طول العمر، يتعين أن نولي العناية الواجبة لما سيحمله هذا التحول الديمغرافي الواسع النطاق على حضارتنا، فمن المتوقع أن ترتفع نسبة انتشار الأمراض المزمنة التي تصيب كبار السن ومن ضمنها مرض ترقق العظام وكسور الناتجة عنه.
ويعتبر ترقق العظام من الأمراض الواسعة الانتشار، حيث تعاني امرأة من بين كل ثلاث نساء ورجل من بين كل خمسة رجال من الذين تجاوزوا سن الستين من الكسور الناتجة عن ترقق العظام.
وفي مطلع هذا القرن، بلغت حالات كسور الترقق 9 مليون حالة سنوياً كان من بينها 1.6مليون حالة لكسور الفخذ والتي تفرض عبئاً مدمراً على المصابين وأسرهم والتي كثيراً ما تؤدي إلى الموت المبكر أو العجز.
يعاني مليون شخص ممن لديهم كسور في العمود الفقري 1.٤ مليون من آلام الظهر وتراجع في طول القامة وغير ذلك من الأثار الضارة التي تؤثر على صحتهم وحياتهم.
هذا إلى جانب ضخامة التكلفة التي يفرضها مرض ترقق العظام على ميزانيات الرعاية، فقد انفقت دول الاتحاد الأوروبي في سنة 2010م، (حوالي 37 مليار يورو لمعالجة المرض)، بينما بلغ انفاق الولايات المتحدة عليه حوالي 20 مليار دولار في سنة 2015م.
قد يهمك.. حملة موسعة للتوعية بـ “المرض الصامت” تحت شعار “احمها تحملك”
ومع ذلك، ثمة أسباب تدعو إلى التفاؤل، فمرض ترقق العظام من الأمراض التي يمكن تشخيصها بسهولة لاسيما أن عملية تقييم مخاطر التعرض للكسور باتت في متناول الجميع وتتوفر مجموعة واسعة من العلاجات الفعالة في مختلف أنحاء العالم وهي العلاجات التي أثبتت فعاليتها في خفض خطر الإصابة بكسور مفصل الفخذ والعمود الفقري وغيرها من الكسور الناجمة عن الترقق، وتم التوصل إلى وضع نماذج فعالة للرعاية الصحية في العديد من البلدان لضمان تلقي المريض العلاج المناسب في الوقت المناسب كل بحسب حالته.
وإلى جانب ذلك تشكلت في السنوات الأخيرة تحالفات وطنية تتألف من الجمعيات لمرض ترقق العظام وغيرها من المنظمات غير الحكومية المعنية وصناع السياسات ومنظمات الرعاية الصحية التخصصية (يضم بعضها شركات القطاع الخاص)، في عدد كبير من البلدان بهدف الجمع بين الخبرات والموارد والرغبة في التوصل إلى نتائج أفضل لكسور ناجمة عن الترقق للأفراد الذين تعرضوا لكسور الناجمة عن هشاشة العظام.
إقرأ أيضاً.. الدكتور المغلس يقدم نصائح هامة تجنب اليمنيين الإصابة بهشاشة العظام
ولا يزال العالم في بداية طريق الحل حيث تتفاوت في الواقع إمكانية الخضوع للتشخيص والعلاج وإمكانية استرداد تكاليفهما بشكل كبير بين مختلف بلدان العالم، ولا يزال الوعي العام بمرض ترقق العظام منخفضاً بدون أن يشهد تقدماً يذكر وتفتقر بعض البلدان ذات الكثافة السكانية العالية إلى البيانات الوبائية الوافية والشاملة التي يمكن الارتكاز عليها في صنع القرارات والسياسات.
-
استشاري أول جراحة العظام والكسور
* يعاد نشر هذا المقال من مجلة مستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا ” الرسالة الطبية”، في إطار حملة # احمها_ تحملك، التي اطلقتها المجلة الطبية، بالشراكة مع جمعية جراحي العظام اليمنية، وشركة خميس للأدوية والمستلزمات الطبية، للتوعية بمرض هشاشة العظام.