مع ختام عام دراسي والاستعداد لتدشين عام دراسي جديد ..تتزاحم في الأذهان الكثير من الخواطر وفي هذه المساحة نتناول الارتباط الوثيق بين المدرسة والصحة.
إن الوعي الصحي المعرفي المعزز للاعتقاد والمترافق بالتطبيق العملي هو الوسيلة الأكثر نجاعة في خلق جيل متسلح بالقدرات البدنية والجسدية والتي من شأنها منحه القدرة العقلية للوصول بمردود تعليمي متميز وفقا لمقولة العقل السليم في الجسم السليم.
ومن شريط الذكريات أيام المدرسة وتحديدا في المرحلة الإعدادية أتذكر أن جزئية التربية الصحية كانت ضمن مقرر مادة العلوم وبكتاب خاص ..وبرغم أنه كان في الغالب في حكم المتطلب إذ أن محتواه لا يتضمن في اختبارات التقييم النهائية إلا أنه في ذات الوقت مؤشر على وجود نوع من التفاعل التربوي الصحي وربما كان نقطة الأساس التي وجدت ليتم البناء عليها.
والمؤسف أن عكس الأمور سارت الخطوات فتم حذف المنهج وتوقفت طباعة هذا الجزء ومن ثم تغييب المواد المتعلقة به أو تشتيتها في المقررات الدراسية للمواد بصورة لا تحقق المراد منها.
واتجهت الصحة المدرسية رويدا رويدا نحو التغييب والتهميش وانطوت صفحة الحاجة للبطاقة الصحية قبل دخول المدرسة ووصلنا إلى مرحلة من الصراع على المسمى وادارة الموضوع الصحي في المدارس بين وزارة الصحة ووزارة التربية، ولا نعلم إلى أي حال وصل الأمر اليوم ؟!
وفي الوقت الذي استخدمت المدارس كمنطلق للصحة المجتمعية من خلال العديد من البرامج وفي مقدمتها المدارس المعززة للصحة ؛ تلاشت المبادئ الصحية من قائمة اهتماماتنا ليصبح الطلاب عرضة لكثير من الأمراض التي تحدث آثارها على الجسم بصورة تدريجية لا يمكن تشخيصها بدون تنفيذ مسوحات صحية دورية لتقييم الوضع الصحي للطالب والتي بلا شك ستؤدي إلى اكتشاف ومعالجة الكثير من الحالات قبل وصولها إلى مراحل أكثر تعقيدا ومضاعفات وبالتالي تكاليف مادية ونفسية على الأسرة والمجتمع فضلا على تأثيراتها السلبية على التحصيل العلمي والمردود العملي والانتاجي.
إن جميع الأطراف ..حكومية ، خاصة بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدني بحاجة إلى التوقف عند هذا الأمر والتمعن في أهمية تضافر الجهود من أجل تنفيذ برامج وتدخلات تضمن التعرف على الحالة الطبية للطلاب من خلال التشخيص المبكر لكثير من الحالات وعلاجها مبكرا بدءا بالجوانب النفسية والأمراض الوراثية والأمراض المنقولة عن طريق التنفس وأمراض العيون والأمراض الجلدية وغيرها الكثير.
ولاشك أن وجود مرشد اجتماعي وصحي في كل مدرسة وتوفير مكان ملائم يمثل عيادة إرشادية وإسعافيه وبأقل الامكانيات سيؤدي على المدى الطويل إلى توسيع الرؤية وتعزيز الحضور والدور للمدرسة كفاعل ومتفاعل في المحيط المجتمعي وبما يسهم في خدمة الهدف المشترك للصحة والتعليم في الوقت نفسه.
ومن خلال أنشطة تعريف بسيطة للكوادر التعليمية في المدارس بأهم المؤشرات المبدئية والعلامات والأعراضالتي ينبغي تتبعها وتقييم مسبباتها عند الطلاب وربما أنها مرتبطة ببعض الأمراض تعد خطوة مهمة وضرورية تسهم في الحد من مضاعفات تلك الحالات والمعالجة لها والوصول إلى حالة الشفاء وبما يحقق الارتقاء والنماء للفرد والأسرة والمجتمع.
وعودا على بدء .. ولمزيد من التأكيد .. التربية الصحية أولوية لأنها وقاية وحماية .. وكل درهم يصرف من أجلها أو جهد يبذل في سبيلها سيعفينا من قناطير عديدة نخسرها من أجل العلاج.