“هل تريدين فعلا أن تكوني جرّاحة؟!” كثيرا ما يتفاجأ الناس عند معرفة هدفي ، يبدو أنهم يعتقدون أن أهدافي طموحة حد المجازفة، لأنه ليس هناك حتى الآن العديد من النماذج النسائية في مجال الجراحة التي أتطلع إليها.
يرسل مجتمعنا رسائل إلى الإناث من جميع الأعمار بأن قدراتهن وتطلعاتهن وخياراتهن المهنية أقل من قدرات الذكور، ويتم تصوير المرأة على أنها كائن ضعيف وعاجز تتطلب الحماية والمساعدة الدائمة، فهل يمكن للمرأة حقا أن تحقق إنجازات عظيمة؟ نعم أنا أؤمن بذلك.
منذ كنت طفلة صغيرة نما لدي اهتمام حقيقي للعناية بالآخرين، كنت أعلم دائما أنني أريد أن أصبح طبيبة وأطمح أن أحدث فرقًا في العالم، حالياً أنا مفتونة بالجراحة الطبية، ولدي العديد من التجارب الإيجابية مع الجراحين.
لقد خضع والداي لعدة عمليات جراحية بالمنظار، وقضيت حصتي العادلة من الوقت في غرف الانتظار أتساءل عما كان يحدث في غرفة العمليات، وقبل عدة سنوات أجريت لي عملية جراحية لاستئصال اللحمية (إزالة الزوائد من الأنف)، وأثناء نقلي إلى غرفة العمليات كنت بعيدة تماما عن الخوف، وما زلت أتذكر المحادثات اللطيفة قبل الجراحة وبعدها مع الطبيب الذي أجرى العملية، إنني أحب أجواء المستشفى، وأحب رائحة غرفة العمليات.
من خلال تجربتي في التطوع في المستشفيات، لاحظت أن الجراحة تخصص يغلب عليه الذكور، ومن خلال حديثي مع العديد من الطبيبات اللاتي عملت معهن، عرفت أن العديد من النساء في المجال الطبي قد تم تثبيطهن عن متابعة أدوار قيادية في مجال الجراحة، بحجة أنه تخصص صعب للغاية ويمكن أن يستغرق وقتا طويلا بعيداً عن الأسرة والأطفال، وجميعهن يؤكدن باستمرار أن كسر حواجز التمثيل الناقص للنساء في الجراحة ليس ممكنا فحسب، بل وضروريا، وهذه التجارب جعلتني أتساءل عما إذا كان لا يزال هناك تحيز ضد دخول النساء إلى تخصصات مثل الجراحة.
في العام الماضي أتيحت لي الفرصة لحضور ومشاهدة إجراء عملية جراحية في عيادة الجرّاحة الدكتورة فاطمة، وعندما دخلت غرفة العمليات كان من الصعب احتواء دهشتي، كان الفريق كله مكون من النساء، بما في ذلك الطبيبات المساعدات وطبيبة التخدير والعديد من الممرضات، ورغم أنني كنت محصورة في الزوايا البعيدة من غرفة العمليات، إلا أنه كان من المنعش رؤيتهن يسيطرن على غرفة العمليات، لم أشعر بهذا المستوى من المتعة الحقيقية قبل ذلك اليوم.
شاركتني الدكتورة فاطمة وعدد من الطبيبات بعضاً من قصصهن وتجاربهن وكيف كان عليهن التغلب على الحواجز وإثبات جدارتهن ومعرفتهن خصوصا للزملاء الذكور، لقد تعلمن هؤلاء النسوة الموازنة بين العمل والأسرة وكن محظوظات لأن لديهن أزواج وأطفال داعمين، وعندما أخبرتهن عن طموحاتي لأصبح طبيبة وجراحة أظهرن لي أن الأمر يتطلب تضحية والتزاما طويلا للوصول إلى حيث أريد أن أكون في النهاية، إنهن يشجعنني على مواصلة العمل الجاد، وأنه يتعين علي دائما إثبات نفسي ومهاراتي وخبراتي إذا أردت أن أكون في تخصص يغلب عليه الذكور.
بالنسبة لي ولغيري من النساء، فإن العمل في الجراحة ممكن، وأعتقد أن الأمر كله يتعلق بإدراكي وإيماني بما أريد ، وأن يكون لدي الذكاء والحماس والحافز مثل أي رجل أو امرأة أخرى تطمح إلى العمل في الجراحة، قد لا يكون الأمر سهلاً ولكنه يستحق العناء.
أعرف نفسي جيدا، وخلال سنوات سأكون قادرة ومستعدة لدخول عالم الجراحة، وسأتمكن من خدمة عدد لا يحصى من البشر كطبيبة وجراحة يمنية محترفة، وسأبذل كل ما بوسعي لتحقيق تطلعاتي لتغيير العالم من خلال الطب.