الأمراض التنفسية في اليمن.. الحياة برئة معطوبة
الطبية_ عبدالملك الجرموزي|
ليس هناك أكثر ألماً من محاولة مضنية لمريض يمر بمرحلة متقدمة من أحد الأمراض التنفسية، ولا يستطيع الحصول على جرعة هواء نقية، الأصحاء القادرون على التنفس جيداً لا يشعرون بمقدار عذاب ذلك المريض الذي لا يهمه شيئا آخر في الحياة غير التنفس.
ولا يقتصر تلوث الهواء على الرئة فقط، بل على بقية أعضاء الجسم، وفي حين أن مستوى الأوكسجين في الدم قد يكون منخفضاً لأسباب مرضية، إلا أنه ربما يكون ناتجاً أيضاً عن نقص نسبة الأوكسجين في الهواء.
وبحسب مؤشرات برنامج UNEP، تزايدت في السنوات الأخيرة التحذيرات من خطورة التلوث على الصحة العامة في اليمن، وذلك بسبب تناقص الغطاء النباتي، مما ينذر بأزمة تنفس وتسمم بالملوثات.
قد يهمك..الحالات التي تستدعي الإسعاف إلى قسم الطوارئ
وتمثل الأمراض التنفسية المتعددة مثل لانسداد الرئوي المزمن، الربو، التهابات الجهاز التنفسي الحادة، السل، سرطان الرئة، عبئا كبيرا على المجتمعات ( من بينها المجتمع اليمني)، خاصة في ظل ضعف الوعي المجتمعي في التعامل معها والوقاية منها، مروراً بقصور في الأجهزة المساعدة على تشخيص هذه الأمراض بدقة عالية. وفق منتدى الجمعيات الدولية للرعاية التنفسية (FIRS).
ويشير المنتدى إلى أن “الخطوة الأولى لصحة الجهاز التنفسي هي منع المرض قبل حدوثه، فتحديد وتخفيف العوامل التي تسبب أو تشجع أمراض الجهاز التنفسي قد يمنع حدوث المرض، فكثيراً ما ترتبط أمراض الجهاز التنفسي بالبيئة”.
ويقول أخصائي المعالجة التنفسية، الدكتور فتح الدين العماد، في تصريح خاص لـ”المجلة الطبية”، إن أكثر الأمراض التنفسية التي تصل اليه هي أمراض التضيق الشعيبي المزمن للقصبات الهوائية COPD ، أمراض الربو Asthma ، وأمراض السل الرئوي TB، بالإضافة الى الالتهابات الرئوية الحادة الفيروسية وإن كانت أقل من سابقتها في الانتشار ولكنها تنشط في فصل الشتاء أكثر، حد قوله.
أما عن أسباب غياب التشخيص الدقيق لطبيعة الأمراض التنفسية في اليمن، فيعزو الدكتور العماد ذلك إلى “قصور الوعي المجتمعي في اللجوء الى الطبيب المختص في وقت مبكر”، مشيرا إلى أن “الكثير من المرضى يقومون باستخدام أدوية يحصلون عليها من قبل الصيدلاني أو عن طريق استشارة طبيب غير متخصص بالأمراض الصدرية.”
ويلفت أخصائي المعالجة التنفسية إلى أن ندرة أخصائيي الأمراض النفسية في المدن وعدم توفرهم في المحافظات البعيدة، والمناطق الريفية، ساهم بشكل كبير في عدم حصول المريض على الخدمة العلاجية السليمة نتيجة التشخيص غير السليم في بداية المرض، منبها إلى أن ذلك، مع مرور الوقت، يفاقم حالته الصحية بشكل كبير”، مضيفاً “بعض المرضى يستخدمون أدوية لها تأثيرات جانبية قوية دون أي روشته طبية، فقط بمجرد أن صديقه أو قريبه استخدم هذا العلاج”.
اقرأ أيضاً..الكشف عن مادة سامة في التونة المعلبة
وتابع “أما الجانب الآخر بالنسبة للأجهزة والمعدات المساعدة للتشخيص فأصبحت متوفرة إلى حد كبير خصوصاً في المدن الرئيسية، ولكن بعضها غير متواجد مثل ( مركز دراسة أمراض النوم وعمل فحوصات لها غير متوفر Sleep study لتحديد المتغيرات الخاصة بتوقف النفس أثناء النوم)، بالإضافة إلى أجهزة الايكمو (الرئة الصناعية) المستخدم في العنايات المركزة للمرضى المصابين بالتهابات حادة في الرئتين، وهذا ما افتقرنا له أثناء جائحة كوفيد_19، ومن الضروري جداً توفره في المستشفيات على الأقل الكبيرة منها”.
كما من الضروري أيضاً، بحسب الدكتور العماد، “توفير جهاز فحص كفاءة الرئة المساعد في تشخيص الأمراض التنفسية Asthma and COPD”، لافتاً إلى أن “الجهاز أصبح في السنوات الأخيرة متوفرا في بعض المستشفيات ولكن من المهم وجوده في جميع المستشفيات لمساعدة الطبيب على التشخيص الدقيق”.
إلى ذلك أعلنت وزارة الصحة في بيان خلال مؤتمر صحفي نهاية ديسمبر الماضي، أن عدد الإصابات المسجلة بالأمراض التنفسية العلوية (الأنف، والجيوب الأنفية، والحنجرة، والبلعوم، والقصبة الهوائية، والشُّعب الهوائية الكبرى، والنزلة البردية، والتهاب الحلق، والتهاب الجيوب الأنفية، والْتِهاب الرُّغامَى والقصبات)، بلغت مليونين و106 آلاف و534 حالة.
بينما بلغت حالات الإصابة بالأمراض التنفسية السفلية (تتضمن ثلاثة أنواع من العدوى الرئيسية: التهاب الشعب الهوائية، التهاب القصبات، الالتهاب الرئوي) 760 ألفاً و656 حالة، توفي منها 7 حالات، وفقاً لبيان وزعته الوزارة خلال المؤتمر، وبلغ عدد الالتهابات التنفسية “حادة وخيمة” أربعة آلاف و550 حالة، توفي منها 322 حالة.
وأفادت الوزارة أن هناك عوامل عديدة أدت إلى انتشار مثل هذه الأمراض، من أهمها “النزوح، وانتشار الأمراض الجلدية والتنفسية، وانعدام المياه والصرف الصحي، واستهداف المرافق الصحية بالقصف المباشر، وغير المباشر”، بالإضافة إلى “انعدام المشتقات النفطية في المرافق الصحية، ومنع دخول الأجهزة التشخيصية، والأدوية الحيوية، وهذا ساهم في تفاقم الوضع الوبائي في البلد”.
وكانت منظمة الصحة العالمية قد أكدت – في تقرير نشرته في وقت سابق من العام 2022 – “إمكانية الوقاية من أمراض الجهاز التنفسي بشكل أكبر من الأمراض في أي جهاز أخر بالجسم”، مشيرة إلى أن” تكلفة الوقاية ليست سوى جزء ضئيل من تكلفة العلاج “.
المنظمة الدولية نبهت إلى أن المصادر الأكثر شيوعاً للهواء غير الصحي هي “دخان التبغ، تلوث الهواء في الأماكن المغلقة من حرق الوقود الصلب، والهواء غير الصحي في مكان العمل، وتلوث الهواء من مصادر حركة المرور”، مضيفة بأن “هناك مصادر صناعية تساهم في تلوث الهواء مثل الهواء الذي يحتوي على الميكروبات والهواء الذي يحتوي على الجسيمات السامة أو الأبخرة”.
الآن.. بإمكانك الإشتراك في قناة الطبية على اليوتيوب
المصدر : https://alttebiah.net/?p=21394