fbpx
فلاش3 ديسمبر 2021

الجامعات اليمنية: الواقع و المفترض

معين النجري
2019-05-13T23:41:07+03:00
تشخيص
13 مايو 2019آخر تحديث : الإثنين 13 مايو 2019 - 11:41 مساءً
Ad Space
الجامعات اليمنية: الواقع و المفترض
Ad Space
د. طارق المقطري

كانت وما زالت مؤسسات التعليم العالي كالجامعات والمراكز البحثية المرتبطة بها تمثل المقياس الأهم لتطور الشعوب ورقيها ورفاهيتها، كما أن عدد الجامعات ومدى رقيها ومطابقتها لمعايير التعليم الحديثة في دولة ما يعتبر الجاذب الأكبر للملايين من البشر في العالم للهجرة والعمل في تلك الدولة دون غيرها، وخصوصا لأولئك الراغبين في توفير حياة راقية لأبنائهم من خلال ضمان مستوى تعليمي راقٍ يسمح لهم بالمنافسة في سوق العمل التنافسي الذي لا يقبل حاليا إلا الأفضل والأجود.
صحيح أن بلداننا العربية ومنها اليمن ما زالت في أول الطريق في ما يخص مقاييس جودة التعليم العالي وجودة المخرجات والعملية التعليمية، لكن أن نصل متأخرين أفضل من عدم الوصول، فما الذين نحتاجه فعلا لنغير من واقع التعليم الجامعي في بلداننا و لنخلق جواً أكاديمياً مناسباً لطلابنا في بلادنا دون الحاجة للسفر للخارج أو التخبط هنا وهناك للحصول على منح دراسية؟، ومتى و كيف نبدأ المشوار وبصورة عملية (قابلة للتطبيق بعيداً عن المبالغات و المثاليات) للحاق بركب العالم الذي تتسابق دوله لتحقيق الصدارة في جودة التعليم العالي؟

Ad Space

ولأن الموضوع معقد و متشابك فسنركز هنا على مشكلتين أساسيتين فقط بإمكاننا و بسهولة تجاوزهما وستحقق قدرا كبيرا من التغيير في الواقع التعليمي لهذا البلد، أولى المشاكل التي تواجه التعليم العالي في بلادنا هي محاباة الآخرين ولو على حساب الطلاب و تحصيلهم العلمي، تتمثل تلك المحاباة مثلاً في اختيار دكاترة لتدريس المواد العلمية ولو كانوا من حملة البكالوريوس أو الماجستير مجاملة لهم أو استدرارا لودهم ولو كان ذلك على حساب اخرين أكثر تأهيلا من حملة الدكتوراه، الوجه الآخر لتلك المحاباة يتمثل في اختيار أعضاء هيئة تدريس حصرا من دائرة أصدقاء العميد أو رئيس القسم حرصا على إرضاء أولئك الأصدقاء بغض النظر عن مستواهم الأكاديمي وبعض النظر عن مصلحة الطالب، وهذه المشكلة عويصة بالفعل في بلد يقدس الصداقات و العلاقات الاجتماعية و يقدس تقديم الخدمات لمن نحبهم ونعرفهم ، بل أنه لو قدر لك أن تكون عميدا في اليمن ووضعت نصب عينيك مصلحة الطلاب فقط فانك ستواجه بسيل جارف من الصعوبات و التحديات و قد تخسر في سبيل ذلك الكثير من الزملاء و الأصدقاء في الوسط العلمي وخارجه.
المشكلة الثانية التي تقف عائقا حقيقا أمام مسيرة التعليم الجامعي في بلدنا هي تغليب المصلحة المالية في كيفية إدارة المؤسسة الأكاديمية من قبل بعض ملاك الجامعة و العمداء ورؤساء الأقسام، فعلى سبيل المثال فإن البعض يحرص على توظيف أعضاء هيئة تدريس من حملة الماجستير لكون ذلك أوفر بكثير من تعيين حملة الدكتوراه، مثل هذا الحرص على تحقيق أكبر قدر ممكن من الربح المادي سيكون للأسف عاملا حاسما في استبعاد بعض الكفاءات الحقيقة في تلك الجامعة أو المؤسسة، والحقيقة فان مثل هذه النظرة السطحية تتناسى أن جلب كوادر مميزة في مؤسستك الأكاديمية سيدر أرباحا أكبر لك على المدى البعيد من خلال جذب الطلاب الراغبين في الحصول على تعليم جامعي أفضل ممن يبحثون عن الجامعات التي توفر أفضل الكفاءات العلمية، ولسنا نبالغ ان قلنا أن العمود الأهم في نجاح أي مؤسسة تعليمية يتمثل في كوادرها العلمية ممثلة بهيئة أعضاء التدريس فيها.
بالإضافة لكل ما سبق فان هناك جانباً مالياً آخر يلحق الضرر بمؤسساتنا التعليمية و هي محاولة تخفيض مستحقات الأكاديميين المالية و بخس حقوقهم بأعذار شتى أحدها ،على سبيل المثال لا الحصر، الظروف العامة للبلد، متناسين أن مثل هذا التصرف القاصر من جامعة ما سيؤدي بالضرورة الى عزوف أعضاء هيئة التدريس المميزين عن التدريس في تلك الجامعة والالتحاق بغيرها من الجامعات التي تقدر عطاءهم وعلمهم، بل أن البعض من المبدعين الأكاديميين قد يلجأ الى الابتعاد تماما عن المجال الأكاديمي وامتهان عمل آخر قد يكون بعيدا كل البعد عن تخصصه بحثا عن لقمة العيش، وفي ذلك خسارة كبيرة للجامعات والدكاترة والطلاب والوطن على حد سواء.
ان مثل تلك الممارسات أعلاه (الى جانب ممارسات أخرى لا يتسع المقال لحصرها) في بعض المؤسسات الأكاديمية والجامعات في اليمن يجب ألا تحجب حقيقة أن بعض الجامعات تسير ولو ببطء في الطريق الصحيح وتضع بعين الاعتبار مصلحة طلابها ومصلحة التعليم العالي في تلك الجامعة وفي اليمن عموما، وهنا نسجل كل احترامنا وتقديرنا لأولئك السائرون في ذلك الطريق، ونتمنى أن يحذو البقية حذوهم لنساهم معا في الرقي بمؤسساتنا الأكاديمية وبالتالي النهوض باليمن وشبابه تدريجياً لنكون في المستقبل القريب دولة نفتخر بتدريس أبنائنا فيها، بل ولنكون دولة يحرص شباب الدول العربية الشقيقة للدراسة الجامعية فيها مما سينعكس إيجاباً علينا جميعاً وعلى الوطن بأكمله.

#أستاذ مساعد علم الأدوية بكلية الصيدلة – جامعة صنعاء.

Ad Space
Ad Space
رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

Ad Space