صالح النهدي*
حماية الأرواح مسؤولية مشتركة
في متاهة الرعاية الصحية العالمية، تكمن قوة شريرة في الظل، تهدد حياة المطمئنين؛ لهذا برز تزييف الأدوية، وهو عمل إجرامي منتشر، باعتباره تهديداً خطيراً للصحة العامة، يتطلب اهتماماً عاجلاً وجبهة موحدة في المعركة ضده.
تزداد خطورة تزييف وتهريب الأدوية في البلدان النامية, والتي تعاني من ويلات الحروب والصراع, وهنا أتحدث عن بلدنا الحبيب اليمن, وفي هذه الحلقة المهمة كان للمجلة الطبية دور رائد في محاربة الأدوية المزورة.
حين نشرت تقريراً صحفياً على منصتها الرقمية (الطبية نت) في 10 سبتمبر 2022, بعنوان (طباعة الموت في اليمن.. بيع الداء في علب الدواء!) وكان لهذا العمل صدى ملموس عندما تحركت السلطات ذات العلاقة وأعلنت في أقل من شهر عن ضبط معمل بصنعاء يمارس تزوير الأدوية وإلقاء القبض على عصابة متورطة بتزوير عدد من الأصناف, وقد أدانتهم السلطات القضائية, وتستعرض المجلة في عددها هذا تقريراً مفصلاً عن القضية.
قد يهمك.. طباعة الموت في اليمن.. بيع الداء في علب الدواء!
يشمل تزييف الأدوية إنتاج وتوزيع المستحضرات الصيدلانية المقلدة، والتي يتم تعبئتها بشكل مخادع لتقليد الأدوية الأصلية. وتستغل هذه الصناعة السرية ضعف المرضى، مما يعرضهم لخطر استهلاك مواد غير فعالة أو دون المستوى المطلوب أو حتى ضارة.
تمتد عواقب تزييف الأدوية إلى ما هو أبعد من الخسائر المالية، إذ يواجه المرضى الذين يستهلكون أدوية مزيفة عن غير قصد ضرراً محتملاً، وفشل العلاج، وتطور سلالات مقاومة للأدوية، وتكون المخاطر كبيرة بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بالأمراض الخطيرة حيث يمكن أن يعني الدواء المناسب الفرق بين الحياة والموت.
مكافحة تزييف الأدوية، لا تقتصر على أي شركة تعرض صنفاً تابعاً لها للتزوير, وإنما تتطلب بذل جهود منسقة على جبهات متعددة. ويجب على الحكومة وشركات الأدوية ومتخصصي الرعاية الصحية وجهات إنفاذ القانون والجمهور أن يتحدوا لتشكيل درع منيع ضد هذا القاتل الصامت من خلال إنفاذ لوائح صارمة لمراقبة سلسلة التوريد الصيدلانية بأكملها وتبادل المعلومات حول اتجاهات الأدوية المزيفة وديناميكيات السوق والتهديدات الناشئة.
يمكن أن تعزز الاستجابات الجماعية إلى جانب تمكين المجتمع بالمعرفة أمراً بالغ الأهمية، من خلال حملات التوعية تسلط الضوء على مخاطر شراء الأدوية من مصادر لم يتم التحقق منها وتثقيف المستهلكين حول كيفية التعرف على المنتجات الأصلية.
اقرأ أيضاً.. مصابو الليشمانيا في اليمن يواجهون المرض بدون دواء
ووراء كل إحصائية عن الأدوية المزيفة تكمن قصة إنسانية من المعاناة والخسارة واليأس. إنها قصة تجبرنا على العمل بشكل جماعي، بإلحاح وتصميم. وبينما نتعامل مع تعقيدات الرعاية الصحية الحديثة، فإن الدعوة إلى مكافحة تزييف الأدوية هي ضرورة أخلاقية – ضرورة تتجاوز الحدود والصناعات والآيديولوجيات.
وفي مواجهة هذا التهديد المنتشر، تكمن قوتنا في وحدتنا، ومعاً، يمكننا تفكيك شبكات الخداع، وحماية الضعفاء، وضمان حصول كل مريض على العلاج الحقيقي المنقذ للحياة الذي يستحقه.
فلتكن هذه صرخة حاشدة لحماية الأرواح، وتحصين دفاعاتنا، والوقوف صامدين في مواجهة الخطر الخبيث المتمثل في تزييف الأدوية.
*رئيس مجلس إدارة مجموعة النهدي
*الأمين العام لاتحاد مستوردي الأدوية
الآن.. بإمكانك الإشتراك في قناة الطبية على اليوتيوب
المصدر : https://alttebiah.net/?p=23353