fbpx
فلاش3 ديسمبر 2021

زواج الأطفال .. أضرار صحية .. وأسر مفككة

admin
فلك الطبية
3 ديسمبر 2019آخر تحديث : الثلاثاء 3 ديسمبر 2019 - 6:31 مساءً
Ad Space
زواج الأطفال .. أضرار صحية .. وأسر مفككة
Ad Space

زواج الأطفال ..أضرار صحية .. وأسر مفككة

المجلة الطبية/ هاني أحمد علي

توفت الطفلة مرام عبده مهدي 13 عاما بعد عام ونصف على زواجها بسبب تعسّر الولادة وعجز عائلتها عن نقلها الى المستوصف في مديرية  كسمه  بمحافظة ريمة 200 كم غرب العاصمة صنعاء.

تقول احدى قريباتها أن «مرام تزوجت وهي في  الثانية عشرة من العمر وبعد أشهر قليلة حملت بطفلها الأول قبل أن تعي معنى الأمومة وما الذي ينتظرها وعندما جاء موعد ولادتها ظلت تعاني من آلام المخاض في منزلها لمدة يوم كامل (24 ساعة) ودعت بعدها الحياة هي والطفل الذي لم ير النور».

وبحسب قريبتها تعيش العائلة في منطقة ريفية «وعرة» في مديرية كسمة حيث لا يوجد مستوصف او مركز صحي يمكنه أن يستقبل حالات الولادة أو إجراء العمليات القيصرية للنساء الحوامل.

احال الموت مرام عن تحقيق أحلامها في الحصول على دمية ذات شعر أشقر وعيون زرقاء وفستان مزركش، وبقيت حكايتها المؤلمة حاضرة على لسان أخواتها وقريباتها تُسرد كل حين وعند كل مناسبة علها تكون سبباً في تجنيب فتيات صغيرات أخريات مأساة حقيقية يكون مصيرها الموت المبكّر نتيجة ولادة متعسرة.

عادات مدمرة وجهل قاتل

«مرام» واحدة من بين الأمهات الصغيرات التي نتناقل قصصهن في بلد يعاني معظم سكانه من الفقر والجهل وعدم استقرار اقتصادي وسياسي منذ سنوات طويلة وزادت خلال السنوات الـ5 الأخيرة جراء الحرب والحصار، بالإضافة إلى غياب الوعي لدى غالبية المجتمع.

وتتركز أغلب حالات زواج القاصرات المؤدي إلى الحمل المبكّر ومنه إلى الوفاة في كثير من الأحيان، بالمناطق الريفية والنائية التي لا تزال العادات والتقاليد القديمة تتحكم في حياة الناس التي تؤمن،بالمثال « زوج بنت الثمان وعليَّ الضمان» وفي ظل عجز الدولة عن إقرار قانون تحديد سن الزواج.

 القاصرات - المجلة الطبية
زواج القاصرات

تقول الدكتورة لايقة عبدالناصر الظاهري – اخصائية نساء وولادة بمستشفى السبعين أمانة العاصمة، إن الحمل المبكّر الناتج عن زواج الصغيرات ممن هن دون سن الـ18 له آثار سلبية قد يؤدي إلى وفاة الأم أوالطفل أو كليهما.

وأوضحت الظاهري في حديثها لــ»المجلة الطبية» أن «الحمل المبكّر يأتي في مرحلة عدم اكتمال نمو حوض الفتاة، وبالتالي فإن تبعاته خطيرة جداً وقد يتسبب ذلك في تعسّر الولادة وحدوث انفجار رحم الأم الصغيرة وبالتالي وفاتها وطفلها»، وتضيف «يؤدي الحمل المبكّر إلى أضرار صحية ربما تصاحب الفتيات الصغيرات مدى الحياة، ومنها الناسور الولادي الذي بسببه تصبح المرأة منبوذة في مجتمعها ومحيطها».

وأشارت الدكتورة لايقة إلى أن تعسّر الولادة الناتج عن الحمل المبكّر مرتبط بتعرض المولود لضمور الدماغ نتيجة نقص الأوكسجين و لتجاوز فترة الولادة للزمن المحدد ، بالإضافة إلى نزيف ما بعد الولادة، مؤكدة انه وفي أغلب الحالات يتم إجراء عمليات قيصرية لإنقاذ حياة الفتاة.

وطالبت الأهالي بعدم تزويج بناتهم وهن ما يزلن في سن الطفولة حتى لا يتعرضن للموت بسبب الحمل المبكّر، كما طالبت مجلس النواب والسلطات التشريعية والقضائية بسرعة سن قانون يمنع زواج القاصرات وألا يظل هذا الموضوع حبيس الأدراج ومحط جدل بين النخب والأحزاب السياسية.

وفي هذا السياق تؤكد الدكتورة بلقيس حمود الخلقي أن الفقر والوضع المعيشي الاقتصادي الصعب الذي يعيشه اليمنيون بالإضافة إلى غياب القوانين وانعدام الوعي لدى أولياء الأمور يعد السبب وراء زواج القاصرات، وبالتالي حدوث الحمل ومن ثم تعرض الصغيرات لمضاعفات كبيرة قد تؤدي الى الوفاة، حد قولها.

وقالت الدكتورة بلقيس التي تشرف على مركز عيادات النساء والولادة في مستشفى السبعين، في حديثها لـ»المجلة الطبية» أن «طوارئ الولادة في المستشفى يستقبل يومياً ما يقارب 50 حالة ولادة، منها حالتين لفتيات صغيرات أقل من 18 عام.

مضاعفات تهدد الأم القاصر

لا يكون الوضع التشريحي وعظام الحوض قد اكتمل بالشكل المناسب الذي يسمح له بتحمل عملية الحمل والولادة الطبيعية للفتيات تحت سن الـ18.

هذا ما يؤكده الدكتور حسين الحاجري الذي يضيف في تصريح لـ»المجلة الطبية» أن آخر عظمة في حوض الفتاة لا تكتمل إلا في سن الـ25 عاماً.

Ad Space

وقال الحاجري وهو أخصائي أمراض نساء وولادة وتوليد في السبعين أن «الحمل المبكّر ينتج عنه اجهاض في كثير من الحالات ونزيف يهدد حياة الأم الصغيرة، واحيانا يحدث حمل خارج الرحم و يبدأ الجنين في النمو خارج الرحم، بالإضافة إلى تعرض الفتاة إلى نزيف وانفجار الرحم أو انفجار المبايض».

ولفت الدكتور حسين إلى أنه يعايش هكذا حالات بصورة دائمة من خلال عمله وهناك حالات مسجلة لفتيات صغيرات تعرضن للخطر جراء الحمل المبكّر في مستشفى السبعين.

غير أن نائب مدير إدارة الإحصاء بمستشفى السبعين سمية علي سعيد كشفت لـ»المجلة الطبية» ان المستشفى لا يمتلك احصائيات للسنوات الماضية بشكل كافٍ حول هذه الجزئية بسبب ان إدارة الإحصاء في مستشفى السبعين -أكبر مستشفى للأمومة والطفولة باليمن- ماتزال تستخدم عملية  التسجيل الورقي وانعدام الامكانيات التي تمكنه من الانتقال الى التسجيل الالكتروني من أجل حفظ البيانات.

توجه حكومي لمواجهة الحمل المبكّر

تقول الدكتورة ندى الوجمان – مدير عام شئون المرأة في وزارة الصحة العامة والسكان لـ»المجلة الطبية» أن الوزارة بصدد إعداد دليل بشأن قضايا العنف الموجه ضد المرأة في اليمن ومنها قضايا زواج القاصرات والحمل المبكّر، داعية أولياء الأمور والأسر إلى أن يهتموا ببناتهم وألّا يلقوا بهن إلى التهلكة.

واكدت الدكتورة الوجمان أن زواج القاصرات المؤدي إلى الحمل المبكّر من القضايا الهامة التي تواجه الفتاة اليمنية ويعرضها لخطر الموت، مشيرة الى ان ذلك ياتي نتيجة الفقر والعنف الاجتماعي وغياب القانون وانعدام الوعي والثقافة الصحية لدى المجتمع.

وقالت أن «هناك فتيات صغيرات يموتن باستمرار بسبب الحمل المبكّر وعدم توفر الرعاية الصحية الأولية وهذا يعتبر نوع من أنواع القتل».

أضرار صحية ونفسية

زواج القاصرات وبالتالي الحمل المبكّر وما تعانيه الأم الطفلة من مشاكل صحية ينعكس على نفسية الأم التي لا تكون في سن مناسب يمكنها من تحمل أعباء الحمل والولادة وهذا ما دفع الدكتور عبدالكريم إسماعيل زبيبة- نائب رئيس جامعة ذمار للدراسات العليا والبحث العلمي، رئيس قسم علم النفس بالجامعة،للقول أن ما يحدث للقاصرات من زواج مبكّر يندرج ضمن جرائم الاغتصاب.

وأشار الدكتور زبيبة إلى الحالة النفسية التي تتعرض لها الفتاة الحامل في سن مبكّر ابتداء من تحمل أعباء الأسرة وتحمل أعباء الحياة الزوجية التي تحتاج لكثير من النضوج الفيسلوجي ومعرفة هذه العلاقة بشكل واضح، بالإضافة إلى تعرض الفتاة القاصرة لعنف جسدي في مراحل عمرية متدنية أقل من سن 18 كونها لا تكون ناضجة ولديها تقبل لهكذا علاقة.

وأوضح رئيس قسم علم النفس بجامعة ذمار، أن تزويج فتيات صغيرات تتراوح أعمارهن ما بين 10 –  18 يؤثر على حالتهن النفسية بصورة كبيرة ويسبب لهن أضراراً نفسية وصحية كونهن غير مؤهلات لتقبل علاقة الزواج نفسياً وعقلياً وجسديا ويعرضهن لإعاقة عضوية ونفسية.

وبيّن الدكتور زبيية أن الكثير من الآباء وأولياء الأمور يجهلون النتائج التي تترتب على زواج بناتهم في سن صغير، كون الأدلة والشواهد أكدت أن الغالبية منهن تعرضن لأذى نفسي وإلحاق الضرر بأنفسهن وبأولادهن، بالإضافة إلى المشاكل الأسرية التي تصل في النهاية للطلاق والتفكك الأسري.

الاختصاصيون في مجال الحمل والولادة  لاحظوا هذه النتائج على الفتيات الصغار حيث بيّنت الدكتورة لايقة الظاهري من خلال تعاملها اليومي مع هذا النوع من الحالات أن التأثير النفسي للفتيات الصغيرات الحوامل يكون سيئاً للغاية ويصبحن أكثر عرضة للاكتئاب والإصابة بالانفصام بعد الولادة، بالإضافة إلى تعرضهن للمشاكل الأسرية وإهمال الطفل والزوج، مؤكدة أن أغلب تلك المشاكل قد تصل إلى مرحلة الطلاق، وقالت أن «أكثر حالات الحمل المبكّر تتركز في المناطق النائية والريفية التي يغيب عن سكانها الوعي والثقافة الصحية».

وفي هذا السياق يضيف الدكتور حسين الحاجزي ان «الزواج والحمل المبكّر يترك أثرا شديدا على النواحي النفسية للحامل الصغيرة»، ويقول «عندما تدرك أنها تشرف على الموت والهلاك يحدث لها صدمة نفسية تحملها طوال حياتها وتحتاج إلى معالجة نفسية دائمة، وربما تؤذي نفسها وجنينها».

علاج الوعي

لا شي يمكنه ان يوقف ظاهرة وفاة الفتيات الصغيرات في المجتمع اليمني الناتج عن الزواج المبكر دون أن تكون أجسادهن ونفسياتهن مهيأة لهذه العملية إلا نشر التوعية بمخاطر الزواج المبكّر على أكبر مستوى لتصل الرسائل التوعوية الى كل بيت يمني في جميع المناطق سواء الحضرية أو القرى والتجمعات النائية.

بالإضافة الى سرعة إقرار قانون تحديد سن الزواج وفرضه على المجتمع وتنفيذ العقوبات التي ينص عليها القانون في حال حدوث أي مخالفة له ليرتدع الأهالي ويكفوا عن ارتكاب مثل هذه التصرفات التي تتسبب في وفاة أطفال ومواليد بدون ذنب ونخلق جيلاً صالحاً وقادراً على البناء.

Ad Space
Ad Space
رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

Ad Space