أكثر من 40 عمليَّة تُجرى يومياً ونقدم خدماتنا للمرضى مجاناً رغم شحة الإمكانيات
لقاء | غيداء العديني:
بدأ الدكتور محمد الغشم – نائب مدير عام مستشفى 48 الطبي النموذجي للشئون الفنية، في لقاء خاص مع “المجلة الطبية” حديثه حول الخدمات التي ما زال المستشفى مُستمرّاً في تقديمها للناس في ظل الأوضاع الحالية للبلاد قائلاً: “أنا أعمل في المستشفى منذ إنشائه, والخدمات التي يقدِّمها جليلة ونطاقها واسع في جميع التخصصات وبالأخص النوعية, واستطاع المستشفى في ظل الظرف الراهن أن يقدم خدمات متميّزة, وهو يعمل بحسب متطلّبات معايير الجودة العالمية تليها عناصر لقياس هذه المعايير, ومن ثّمَّ عمل سياسات وإجراءات لتحديد عملية تقديم خدمات طبية ذات جودة عالية, وتحديد المخرجات التي تعتمد على مؤشرات الأداء.”
نطاق الخدمة
وبالنسبة للفئات المستفيدة من خدمات المستشفى يكمل: “جميع المواطنين يستفيدون من الخدمات التي يقدِّمها المستشفى حيث يستقبل جميع حوادث الطرقات الممتدة من أطراف صنعاء وحتى خط تعز, والمستشفى شامل بنوعية الخدمة بحكم موقعه الجغرافي الاستراتيجي وحكم التوجه, وأبوابه مفتوحة لجميع الحالات سواء مدنية أو عسكرية, فهو يقدِّم خدمات للمواطنين ككل والتميُّز النوعي أنه يقدِّم الخدمات للجرحى بشكل خاص وأمثل بما فيها جميع الحالات, وحتى العمليات النوعية التي تُجرى في مستشفيات أخرى تتحول إلينا وتُقدَّم الإجراءات بخصوصها.”
المشاركة المجتمعيّة
يعي المستشفى أهمية المشاركة المجتمعية في ظل الحرب وبسبب المعاناة التي تعانيها النساء عند القدوم من مناطق بعيدة إلى داخل العاصمة رغم الضغط الموجود في مستشفيات العاصمة يقول الدكتور الغشم: “كان لزاماً علينا تجهيز قسم يختص بتقديم خدمات الأمومة والطفولة وخاصة الولادة, وهذا القسم مُعدّ بجاهزيته الكاملة والعناية المركَّزة المستقِّلة وإجراء العمليات حسب المعايير المطلوبة وتقديم الخدمات على مدار الساعة.
وهناك عيادات خارجية لجميع التخصصات في المستشفى تعمل على تقديم خدمات جليلة للمجتمع على مدار جميع الأيام, ولدينا بحسب متطلبات الجودة عيادة الأسرة أو “Family Clinic”، حاولنا من خلالها أن نساهم في معالجة مشكلة سوء التغذية, ونحن نستقبل فيها الحالات التي تأتي بحسب نوعيتها لتقديم الخدمات لها, وقد نستقبل في عيادة الأسرة ككل من 25 إلى 50 حالة في اليوم.”
خدمات مجانيّة
أمّا بالنسبة للعيادة الاستشارية ومقابل الخدمات التي يقدِّمها المستشفى يتابع نائب مدير عام مستشفى 48 الطبي النموذجي: “العيادة الاستشارية حسب المعيار تحتاج إلى استشاري ومساعد, وبعد الفحص المسبق للحالة يُقدَّم ملفها للاستشاري ليطَّلع عليه ويتَّخذ القرار المناسب للوصول إلى التشخيص الحقيقي لتقديمه إلى معالجة الحالات، كما نقدِّم خدماتنا بشكل مجاني للمدنيين وحالات إنقاذ الحياة وحوادث الطرقات, وجميع الإجراءات والخدمات مجانية بما فيها الرقود والعلاج والتغذية معتمدين على ميزانيتنا المحدودة.”
أقسام ذات جاهزيّة كاملة
وحول الأقسام التي ما زالت تعمل وأقسام أخرى خرجت عن الخدمة يوضح الدكتور الغشم أن “جميع الأقسام في كامل طاقتها حسب الجاهزية الكاملة, ولم تخرج عن الخدمة إلا أقسام معينة وهي بحسب نوعية الخدمات نفسها, بمعنى لم تعد تأتي إلينا مثل هذه الحالات كمركز الأورام أصبح شبه مغلق.
وهناك مركز الأورام بالمستشفى الجمهوري يستقبل هذه الحالات, حتى إن أتت إلينا مثل هذه الحالات يمكن أن نتبنَّى ونضع آلية معيّنة لكنّ لا يمكن بحكم الواقع والمسافات والخطة حول مسألة استقبال الحالات, فنحن نعمل محدودية في الموازنة بالنسبة للاحتياجات.”
سعة سريرية بزيادة 200%
وتحدَّث نائب المدير العام بمستشفى 48 الطبي النموذجي عن السعة السريرية في المستشفى بقوله: “معايير الجودة التي ذكرتها مسبقاً تتكلم عن نسبة وتناسب, فالتوازن ما بين الأقسام الحرجة والأقسام العادية في الفترة الماضية كان محدوداً وكنَّا نعمل على سعة سريرية محدودة, أمّا الآن رغم الوضع الاقتصادي الراهن والميزانية المحدودة إلا أنَّ المستشفى استطاع زيادة سعته السريرية 200%, أي أنَّها تصل حالياً إلى 250 سريراً, إلى جانب 30 سريراً للعناية المركَّزة, فالنسبة والتناسب حسب معايير الجودة يجب أن يكون لكل 10 أسرَّة سرير واحد عناية مركَّزة.
إمكانيّات عالية
للمستشفى سياسات معيّنة تعمل عليها ومن تلك السياسات يذكر الدكتور الغشم:”أي حالة تصل إلينا تُجرى لها جميع الإجراءات خصوصاً حالات إنقاذ الحياة أو ما يسمَّى بحالات “Life Saving”, فنحن نستقبل أحياناً عدداً كبيراً من حالات حوادث الطرقات وتُعمل لهم جميع الإجراءات, وتوجد إحصائيات كبيرة لحوادث الطرقات على مستوى الدولة ولمستشفى 48 نصيب كبير في استقبال هذه الحوادث, وعندما نستقبلها لا يمكن نقلها مستشفى آخر لأنها عملية إنقاذ حياة, وبعدها إذا أراد ذوو المريض نقله لمستشفى أو مكان آخر لا نسلِّمهم إيّاه لنقله, بل نقوم نحن بنقله بواسطة سيّارة إسعاف إلى المكان الذي يرغبون بنقله إليه, فهذه سياسات وإجراءات نقوم باتباعها دائماً.
ونحن في المستشفى قادرون على رفع درجة الاستعداد إلى أقصاها, وفي أي وقت يمكن أن نستقبل جميع الحالات بحسب سياسات وإجراءات معدَّة, ويكون الطاقم الطبي في ظرف زمن قياسي متواجداً في المستشفى.”
جاهزيّة واستعداد
وعن موضوع المخيّمات التي كان يقيمها المستشفى سابقاً يستطرد نائب المدير العام بالمستشفى: “مخيّمات المستشفى ما زالت موجودة وخصوصاً في ظل الظرف الراهن والاهتمام الخاص بالمواطن والحصار الجائر على البلد والوضع الصحي المتدهور, مستشفى 48 عمل في هذا الجانب أكثر من السابق لكن بحكم الوضع تحوّلت إلى مستشفيات ميدانية بحسب ظروف الواقع نفسه, فقد خصّصنا الميزانيات الخاصة في هذا الجانب في اتجاه آخر في مسألة المستشفيات الميدانية التي تكون بحكم طبيعة المنطقة بالتنسيق مع وزارة الصحة، مبيناً: لدينا مستشفيات ميدانية ضخمة جداً, ونستطيع فتح سعة لتقديم خدمة متميزة في أي مكان, حتى لو أتتنا توجيهات بعمل مستشفى ميداني, المسألة هي مسألة الجاهزية والاستعداد والإمكانيات وجاهزيتنا والحمد لله على مستوى عالٍ, ويمكننا في ظرف من 6 إلى 8 ساعات أن نجهِّز مستشفى ميدانيا متكاملا يقدِّم جميع الخدمات, إنما بحسب الظروف الحالية لنا وضعنا وخطة مدروسة بحسب الواقع.”
عمليّات نوعيّة
وفي سؤالنا عن العمليّات التي يقوم بها المستشفى أجاب الدكتور الغشم: “لدينا كادر طبي متكامل ومتميِّز واستشاريون وكوادر فنية متميزة في جميع المجالات, ونجري من 40 إلى 50 عمليّة في اليوم, منها عمليّات نوعيّة في عدَّة مجالات كالعيون والمخ والأعصاب والفم والفكين والأوعية الدمويّة والجراحة.”
ويضيف: “تتغيَّر الخطة من وضع لآخر نظراً للوضع والحصار فنضطر أحياناً إلى أن نستقبل واقع الحالات الواردة إلينا في مجال الأورام وكل المجالات, ونقدِّم لها العمليّات النوعية التي ازدادت في ظل الوضع الراهن واستطاع المستشفى توفير إمكانيّاتها التي قد تصل أحيانا قيمة العمليات إلى مبالغ تُحسب بالدولارات لكنّنا في ظل الضغط والوضع الحالي استطعنا بفضل الله ومن ثم بفضل جهود وكفاءة الإدارة أن نوازن وأن نصل إلى مستوى معين من تقديم خدمة متميزة ومستقرة.
هجرة العقول اليمنيّة
وبخصوص زيادة هجرة العقول اليمنيّة من الأطباء إلى الخارج علَّق نائب مدير عام مستشفى 48 للشئون الفنية قائلاً: “مرَّت فترة معيّنة من معاناة المستشفى بسبب الميزانية والواقع الاقتصادي والحرب وانعدام المرتبات، وربما توجد هجرة العقول في المستشفيات الأخرى، إلا أنَّ نسبة الولاء عالية جداً في مستشفى 48 على مستوى التخصصات, لا نقول أنَّها منعدمة ولكنّها استمرت بمعاناة وكانت أفضل من غيرها لوجود الولاء الوظيفي داخل المستشفى, وبما أنَّ المستشفى يعمل بخطة التأهيل والتدريب يشعر الموظف أن لديه ولاءً عاليا, واستطعنا أن نتخطَّى هذا الأمر، وبحمد الله توفقنا وصُرِفت المرتبات وأصبح الوضع مستقراً ولم يكن لدينا معيار مرتفع من هجرة العقول.
احتياجات وخطط
وفي ما يخص خروج ما يقارب 95% من الأجهزة الطبيّة عن العمل في المستشفيات الحكومية يقول: “أعود لنفس الفكرة التي ذكرتها سابقاً أنَّ أي مستشفى يعمل بحسب متطلبات ومعايير جودة ولديه إدارة عليا قوية يستطيع أن يتجاوز مثل هذه الأمور.
وأوضح أن كثيراً من المستشفيات خرجت فيها الأجهزة والمعدات الطبيّة عن الخدمة إمّا نتيجة عدم وجود صيانة دوريّة أو أنّ عمرها الافتراضي انتهى, ونحن واجهنا صعوبة في هذا الموضوع، لكنّنا استطعنا تجاوز هذا بعمل الصيانة الدورية للأجهزة وتلافي مثل هذه الأمور التي قد تعيق تقديم الخدمة، وأفاد: لديهم خطة في مسألة الاحتياج للأجهزة بحكم العمر الافتراضي ونحن لدينا احتياجات فعلاً من بعض الأشياء, لكنّنا عملنا جاهدين في الحفاظ على الوضع وتقديم الخدمة بطريقة مثلى وليست لدينا معوّقات كبيرة في هذا المجال.”
دعم معدوم وميزانيّة محدودة
وعن سؤالنا الأخير عن الصعوبات التي تواجه المستشفى وإن كان يوجد دعم يمكنَّهم من استمرارية تقديم الخدمات للنَّاس كانت الإجابة: “نحن نواجه كل ما أطلعناكم من واقع الميزانية التي تصلنا, فنحن من المستشفيات منعدمة الدعم, وليس لدينا أي دعم مالي من جهات أخرى أو منظّمات كبقية المستشفيات, وواقعنا هو فقط الميزانية المرصودة لنا من وزارة المالية, ومن خلال توجُّه الإدارة وعملية تقنين الميزانية والدعم المعنوي اللا محدود بالعمل بروح الفريق الواحد من قبل العاملين، والاقتناع بمسألة الواقع المالي استطعنا أن نوازن في ميزانيتنا لكنّنا ما زلنا بحاجة إلى الدعم المادي.
وأضاف: ونحن بدورنا نفكِّر في عدة بدائل بما أنَّ الميزانية محدودة وليس لدينا دعم من المنظّمات, وندرس جهات مماثلة عملت بالكثير من الأمور كالمشاركة المجتمعية وغيرها, وما زلنا ندرسها حتى الآن وتُرفع بحيث نحاول التحسين من الواقع الحالي, وتركيزنا الأكبر الآن على وجود الميزانية التي تُصرف لنا من الدولة في ظل انعدام الدعم.
Source : https://alttebiah.net/?p=4944