د. أحمد علي العاقل
التداعيات النفسية على أطفال اليمن جراء الحرب
الدكتور أحمد علي العاقل
اخصائي طب أطفال – نقيب الأطباء اليمنيين سابقاً
أكثر من أربع سنوات على الحرب في اليمن انعدمت خلالها أبسط مقومات الحياة وانهارت كثير من الخدمات وعلى رأسها القطاع الصحي الذي كان له النصيب الأكبر من هذه المعاناة والكارثة، بدءا من نقص حاد في الأدوية مروراً بتوقف العديد من المستشفيات والمراكز الصحية بسبب الأوضاع الصعبة وشحة الإمكانيات وغيرها.
وأمام كل تلك المشاهد تبقى الطفولة في اليمن هي الحلقة الأضعف وسط هذا الصراع غير المنتهي، فمع تصاعد وتيرة العنف ضد الأطفال في هذا البلد على مدار أربع سنوات بحيث لا يكاد يمر يوم واحد دون أن نسمع عن مقتل أو استهداف طفل هنا أو هناك كما لو كانوا طرفاً من أطراف هذه الحرب!
أطفال اليمن هم الهدف وهم الضحية في هذه الحروب وإن لم يصابوا بأي مكروه جسدي، تصيبهم التداعيات النفسية، وتؤثر عليهم وعلى مستقبلهم وحياتهم على المدى الطويل، فتصيبهم اضطرابات توتر ما بعد الصدمة او بما يسمى طبياً “اضطراب الكرب التالي للرضح (Post Traumatic Stress Disorder” (PTSD” وهو ما ينتج من صدمة جراء خطر حقيقي، قد تؤدي إلى حدوث هذا الاضطراب، مثل الحروب.
ومن أعراضه ” مشاعر وعلامات ارتباك، وحتى انقطاع عن المحيط، قلق وفزع، حزن واكتئاب، وعلامات ضغط عاطفي وسلوكي متنوع ومختلف، في حين تزداد هذه الأعراض وقد تتفاقم بعد مرور عدة أيام، حيث يخاف الأطفال أن يناموا ليستيقظوا على أصوات الطائرات والرصاص، أو على الجنود المتواجدين فوق رؤوسهم، بالإضافة إلى المشاكل المرتبطة بالخوف، سواء الخوف من الظلام الذي يخبئ فيه اشتداد الحرب وارتفاع عدد الموتى، أو الخوف من النوم وحدهم لئلا يكونوا وحيدين عند القصف مثلا، أو الخوف من الأصوات المرتفعة التي تشبه صوت القصف والرصاص والقنابل، الخوف من الحركات المفاجئة، وغيرها الكثير.
إن التداعيات النفسية والصدمات التي يتعرض لها أطفال اليمن على مدار السنوات الماضية بسبب الحرب والصراع مخيفة ومفزعة على الواقع وتكون أقسى وأعنف بكثير مما قد يتعرضون له بسبب الكوارث الطبيعية، وهذا الأمر يزداد صعوبة إذا تكررت هذه التداعيات لتتراكم في فترات متقاربة، كما أن تأثير الحروب ينعكس بشكل كبير على الأطفال، ما يؤدي إلى صعوبة في تعبيرهم عن شعورهم أو الحالة النفسية التي يمرون بها، ويعانون أيضا من مشاكل نفسية عميقة خصوصاً إذا لم يتمكن الأهل أو المجتمع من احتواء هذه الحالات ومساعدة الطفل في تجاوزها.
ومن أكثر الحالات التي يتعرض لها الأطفال خلال الحرب:
– سوء التغذية.
– المرض الذي قد يؤدي إلى الموت.
– التشرد.
– فقدان الأهل والعائلة.
– المشاهد العنيفة.
– ارتكاب أعمال عنف.
– الاضطراب في التربية والتعليم.
– حالات الفوبيا المزمنة.
– الاكتئاب الشديد.
ولذا فإن الطرق المثالية لمساعدة الطفل على التخلص من آثار التداعيات النفسية التي خلفتها الحرب والصراع تتمثل في التالي:
– يمكن التخفيف من آثار الحروب على الطفل عن طريق زيادة الاهتمام به، وإقامة التواصل والحوار البناء مع الأطفال وإعطائهم تفسيرًا وتبريراً منطقيًا للواقع القائم، ما يساعد في التخفيف من الصدمة والخروج منها بأقل ضرر نفسي ممكن.
– من المهم جداً مساعدة الأطفال في التعبير عن معاناتهم ومواجهة الذكريات السيئة، وذلك من خلال توفير الدعم والتوجيه اللازم لهم.
– التماسك الأسري والاجتماعي هو من أهم العوامل في مثل هذه المراحل، فانفصال الوالدين يعتبر من أخطر الصدمات الذي يتعرض لها الطفل، لاسيّما بالنسبة للأطفال صغار السن، ما يفاقم من حالتهم النفسية المتأزمة بسبب الحرب.
– محاولة تهدئتهم وإشعارهم بالأمان والسلام.
– تعليمهم كيفية حل النزاعات التي تواجههم في حياتهم بطرق سلمية، وكيفية الصبر والتحمل.
– توفير الغذاء والشراب المناسب للأطفال والدواء عند الحاجة.
– مساعدتهم في تعلم أمور وهوايات متعددة، وإشغالهم بأمور تفيدهم في المستقبل، وذلك من أجل ابعاد تفكيرهم عن الماضي والحروب التي واجهوها.
– تبسيط الأمور التي تحدث من حولها، لكي يستطيع الأطفال استيعابها للاطمئنان.
– الاستمرار في روتين الحياة اليومي من أجل تخفيف التوتر.
– الاستماع إلى الأطفال والحديث معهم عن مخاوفهم.
المصدر : https://alttebiah.net/?p=735