استخدموا المِشْرط والقلم في مداواة العالم .. أطباء أدباء

استخدموا المِشْرط والقلم في مداواة العالم .. أطباء أدباء

الطبية – جميل مفرِّح|

يداوون جراح وآلام الآخرين ثم يلتفتون بعد ذلك إلى أنفسهم لمداواتها وإلى العالم من حولهم لتشريحه بالكلمة والمشرط.

يمتهنون واحدة من أكثر المهن إجهادا وإرهاقاً وإثارةً للخوف والقلق، ثم يهربون بذواتهم من أعباء ومخاوف تلك المهنة المضنية والمعقدة، إلى مهنة أخرى تسرق منهم ما تبقى من مساحات الوقت والاهتمام في حياتهم، لتغدو تلك الحيوات الممتلئة  بالإثارة والأحداث والمواقف، مشغولة بمهنتين تجتمعان لا تفترقان في معالجة وتطبيب النفوس.. ولقد ضل السبيل حقاً من اعتقد أنهما مهنتان مفترقتان ومختلفتان فيما بينهما.

قد يهمك .. “أوميكرون” يباغت مناعة الأطفال ويقودهم إلى المستشفيات

إنهم الأطباء الأدباء الذين أنجب التاريخ رموزا مميزة منهم، برزوا على ساحات الثقافة والأدب، بل ومنهم كثير جداً من استمالهم الأدب على حساب كل شيء في حياتهم، فسرقهم ليصبحوا رموزا في ساحات الأدب والثقافة والفكر والفن، حتى لم يكد يتذكر العالم أنهم كانوا يوما يرتدون البالطوهات البيضاء ويحملون في أيديهم مشارط الجراحة، وترمومتر الحرارة لم يكن ليفارق جيوبهم،  بينما هم في ذواتهم على النقيض من ذلك، فهم أكثر من لا يرون اختلافا بين الطبيب والأديب فكلاهما يشخصان ويداويان ويبنيان علاقتهما بالوجود ومن عليه عبر هذه العلاقة الأكثر حساسية وتداخلا وتفاعلا.

 ومثلما تقلدوا سماعة الطبيب التي كانوا يفاخرون أنفسهم بارتدائها، تقلدوا أيضا أوسمة التميز والتكريم في ساحات الأدب وفاخروا بها ليس أنفسهم وحسب وإنما كل الوجود من حولهم.

* ملأوا الوجود حضوراً وتميّزاً

ولو راجعنا التاريخ الإنساني ومجمل الثقافات واللغات العالمية عموما فسيعيينا الرصد والتتبع ولن ننجح تماماً، لأننا سنجد أنفسنا أمام الآلاف من الأسماء الكبيرة والصغيرة، بما في ذلك عدد لا بأس به ممن حققوا شهرة كونية كبرى، ونالوا جوائز عالمية في مقدمتها جائزة نوبل.. ولم ينالوها في فرع الطب كما كان يجدر بهم، وإنما باغتوها من حيث لا تنتظر واختطفوها من جهة الأدب.. بل ووصل التعلق بالأدب لدى بعضهم مستوى راقيا وملفتا للاهتمام، حد أن نجد واحدا من أشهر كتاب القصة والمسرح في العالم يقول عبارته الشهيرة “الطب زوجتي والأدب عشيقتي”.. إنه الكاتب الروسي الكوني أنطون تشيخوف.. ومثله كثيرون وكثيرون من الأطباء الذين ارتادوا الأدب، فمنهم من اُختطفَ ومنهم من كاد يُختطفُ من مهنة الطب، ومنهم من تماسك واستطاع أن يربيهما كليهما في فناء حياته، حتى غدتا شجرتين وارفتين ومعمرتين، بل أبديتين..

ومثل تشيخوف تواجهنا أسماء لامعة في عالم الأدب العالمي كالاسكتلندي آرثر كونان دويل، والفرنسي/الانجليزي سومرست موم، والألماني فردريك شيلر، وآخرون يصعب حصرهم والتوقُّف عند حياتهم وتجاربهم العريضة التي ملأت الوجود حضورا وإبداعا وتميُّزا وشهرةً.

العرب بين مهنتين

* في العالم العربي أيضا برزت على امتداد التاريخ المئات بل وأوكد على أنها الآلاف من الأسماء التي امتهنت الطب والأدب معاً، والتي سرقها الأدب من الطب، منذ تاريخ طويل جداً، كلما أمعنت فيه خيل لك أنه يمتدُّ إلى الأزل.. ولكن فلنتوقف عند التمثيل على ذلك برصد أهم وأبرز الأسماء التي جمعت بين هاتين المهنتين في تاريخ العرب القديم وتحديدا القرنين الأخيرين (التاسع عشر والعشرين).

* وبداية في القرن التاسع عشر تواجهنا أسماء عربية كثيرة وكبيرة منها على سبيل المثال لا الحصر:

– إبراهيم ناجي (1898م ـ 1953م): شاعر وطبيب مصري، كان وكيلًا لمدرسة أبولو الشعرية، وترأس من بعدها رابطة الأدباء في الأربعينيات من القرن العشرين. من أشهر قصائده قصيدة الأطلال التي تغنت بها أم كلثوم فلُقب بشاعر الأطلال.

– أحمد زكي أبو شادي (1892م ـ 1955م): شاعر وطبيب مصري، أسس مدرسة أبولو الشعرية.

– أحمد عيسى بك (1876م ـ 1946م): طبيب ومؤرخ وكاتب مصري.

– خليل سعادة (1857م ـ 1934م) طبيب وكاتب وناشط سياسي لبناني.

– داوود الجلبي (1879م ـ 1960م): طبيب وكاتب عراقي، كان يجيد عدة لغات أجنبية، وله أبحاث عديدة في التاريخ والمصطلحات الطبية وغيرهما.

– عبدالرحمن الشهبندر (1879م ـ 1940م): طبيب وسياسي وكاتب سوري، يعتبر العقل المخطط للثورة السورية الكبرى..

إقرأ أيضاً .. جامعة صنعاء تقيم مؤتمر لطب الأسنان بمشاركة ألف باحث

* ثم يطل علينا القرن العشرون مقدما عددا كبيرا وقياسيا من بين كل مراحل التاريخ مدونا على صفحاته المئات إن لم يكن الآلاف من الأسماء العربية اللامعة والشهيرة نختار للتمثيل منها:

– أحمد خالد توفيق (1962م – 2018م): طبيب وأديب مصري، برز في أدب الرعب وأدب الشباب والفانتازيا والخيال العلمي.

– نبيل فاروق (1956م – 2020م):طبيب وكاتب مصري معروف أشتهر بالأدب البوليسي والخيال العلمي.

– أحمد خيري العمري (ولد 1970م): طبيب أسنان وكاتب إسلامي وروائي عراقي.

– أحمد شوقي الفنجري (ولد 1925م): طبيب وكاتب إسلامي مصري، له أكثر من 30 كتابا في الثقافة الإسلامية والفكر الإسلامي.

– أحمد عروة (1926م ـ 1992م): طبيب وكاتب وباحث وشاعر ومناضل جزائري، كتب العديد من المؤلفات الفكرية والأدبية بالفرنسية.

– أحمد محمد كنعان (ولد 1948م): طبيب وشاعر وكاتب وفنان تشكيلي سوري، عضو في رابطة الأدب الإسلامي العالمية، وله عدة مؤلفات طبية وأدبية وفكرية منها “بحث في نشأة الإنسان وتطوره” و“تأملات في مسيرة العلم المعاصر” و“أزمتنا الحضارية في ضوء سنة الله في الخلق“.

– أسماء المرابط (ولدت 1961م): طبيبة وباحثة في قضايا الإسلام وكاتبة مغربية.

المهدي بن عبود (1919م – 1999م): طبيب وكاتب ومفكر مغربي.

– جمال سلسع (ولد 1942-): طبيب أمراض جلدية وكاتب فلسطيني، كتب للعديد من الصحف، وكان له برنامج يومي في إذاعة صوت فلسطين بعنوان “صلوات في محراب الوطن“.. شارك في تأسيس اتحاد الكتاب الفلسطينيين سنة 1980م، وهو عضو الأمانة العامة لاتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين.

– شريف حتاتة (ولد 1923م): طبيب وكاتب وروائي ماركسي مصري.

– صبري القباني (1908م – 1973م) طبيب وكاتب سوري، أسس ورأس تحرير أول مجلة طبية عربية واسعة الانتشار، هي مجلة (طبيبك).

– عبدالرحيم بدر (1920م ـ 1994م): طبيب وفلكي ورسام وكاتب فلسطيني.

– عبدالسلام العجيلي (1916م ـ 2006م) طبيب ونائب ووزير وأديب سوري.. كتب القصة والرواية والشعر والمقالة، ويعد من أهم أعلام القصة والرواية في سوريا والعالم العربي.

– عقيل الموسوي (ولد 1966م): طبيب أسنان وكاتب وروائي ومصور بحريني.. اشتهر بروايته المثيرة للجدل “أريميهر ناما“.

– علاء الأسواني (ولد 1957م): طبيب أسنان وروائي وقاص مصري، من أشهر رواياته “عمارة يعقوبيان” و“شيكاجو“.

– عيسى حداد (ولد 1943م): طبيب وكاتب وشاعر سوري.

– غادة كرمي (ولدت 1939م): طبيبة وكاتبة وأكاديمية فلسطينية مقيمة في بريطانيا..

– كريم فهمي (ولد 1982م): طبيب أسنان وكاتب سيناريو وممثل مصري.

– لطفي المرايحي (ولد 1959م): طبيب وكاتب وسياسي تونسي..

– محمد المخزنجي (ولد 1950م): طبيب نفسي وكاتب وقاص مصري.

– محمد المنسي قنديل (ولد 1946م): طبيب وقاص وروائي مصري.. وصلت روايته “يوم غائم في البر الغربي” إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية.

– مدحت العدل (ولد 1951م): طبيب وكاتب وشاعر ومؤلف مصري.. له العديد من الأعمال التليفزيونية والسينمائية.

– مصطفى محمود (1921م – 2009م): طبيب وفيلسوف وكاتب مصري.. ألف 89 كتابًا، منها الكتب العلمية والدينية والفلسفية والاجتماعية والسياسية إضافة إلى الحكايات والمسرحيات وقصص الرحلات.

– معوض جاد الرب (1929م ـ 1983م): طبيب وفنان وكاتب مصري.. كان أستاذًا للتشريح الفنى بكلية التربية الفنية بالزمالك في خمسينيات وستينيات القرن العشرين.. أصدر سنة 1964م مجموعة قصصية عنوانها “الناس والكلاب“.

– نوال السعداوي (ولدت 1931م): طبيبة وكاتبة وروائية نسوية مصرية، كتبت القصة القصيرة والرواية والمسرحية.

– يوسف إدريس (1927م ـ 1991م): طبيب نفسي وكاتب قصصي ومسرحي وروائي مصري.

– حسان شمسي باشا (ولد 1951م): طبيب قلب وكاتب سوري، ألَّف 56 كتاباً باللغة العربية، وأربعة كتب باللغة الإنجليزية.

– هيفاء بيطار (ولدت 1960م) طبيبة عيون وقاصة وروائية سورية.

– منذر القباني (ولد 1970م): جراح وروائي سعودي.

– مروان الغفوري (ولد 1979م): طبيب قلب وكاتب صحفي وشاعر وروائي يمني مقيم بألمانيا.. فازت مجموعته الشعرية “ليال” بجائزة الشارقة للإبداع العربي سنة 2004م.

الآن.. بإمكانك الإشتراك في قناة الطبية على اليوتيوب

المصدر : https://alttebiah.net/?p=18858