سوء التغذية يصيب أطفال اليمن ويهدد الملايين بأمراضخطيرة
الطبية_حاشد مزقر|
فقد المواطن ابراهيم الجحفلي طفلته انتصار، قبل أن تكمل عامها الثالث في شهر يوليو من العام الماضي بمدينة الحديدة غرب اليمن.
تفاقمت حالة الطفلة وتم نقلها إلى مستشفى الثورة، وفقا لحديث والدها، لكن سوء التغذية الحاد كان قد تمكن من جسد انتصار ولم يعد يستجب للأدوية لينتهي مشوار حياتها مبكرا مخلفة حالة حزن شديدة ما تزال مسيطرة على أسرتها حتى الآن.
يقول الجحفلي في حديثه لمنصة الطبية “وفاة انتصار جعل الأسرة تدخل في حالة خوف من فقدان إخوتها كونهم يعانون أيضاً من نفس الأعراض نتيجة إصابتهم بسوء التغذية”، ويعمل الجحفلي على توفير ما أمكن من مواد غذائية وأدوية لأطفاله حتى يجنبهم مصير شقيقتهم، حد قوله.
الأمر لا يقتصر على المحافظات أو المدن الثانوية والمناطق البعيدة، فبحسب أحد العاملين في منظمة دولية تعمل في المجال الإنساني فضل عدم ذكر اسمه، ما يزال العاملون في المنظمات الإنسانية يرصدون، بين حين وآخر، حالات مصابة بسوء التغذية في العاصمة صنعاء، مشيرا -في تصريح لمنصة الطبية – إلى أنهم، أحيانا، يرصدون أسرا كاملة تعاني من سوء التغذية.
أعراض تدوم على المدى الطويل
يشير أخصائي الباطنية في مستشفى الثورة العام بصنعاء الدكتور عبد العزيز الشعوبي إلى أن سوء التغذية واحد من الأسباب الرئيسية لوفيات الأطفال في اليمن.
وفي تصريح لمنصة الطبية قال الدكتور الشعوبي: “من أشد المخاطر الصحية وأكثرها انتشارا بين الأطفال المصابين بسوء التغذية فقر الدم (Anemia) لأن هذا المرض قد يطيل معاناة الطفل حتى مرحلة الشباب”.
وأكد الشعوبي ملاحظة ذلك من خلال بعض الحالات التي تصل إلى المستشفى وتخضع للعلاج، مبينا ارتباط أمراض أخرى بسوء التغذية قد ترافق الأطفال طوال حياتهم مثل العمى الليلي والتهابات العين وجفافها التي تحدث نتيجة نقص فيتامين أ “المسؤول عن صحة العيون” ويحرم منه الأطفال بسبب انعدام التغذية الصحية والسليمة.
قد يهمك..افتتاح معرض اليمن للأدوية والأجهزة الطبية في صنعاء
وبحسب الدكتور الشعوبي، غالبا ما يعاني المصابون بسوء التغذية من أمراض الجهاز الهضمي كالإمساك وآلام المعدة، كما تعاني بعض الحالات من الإصابة بالغدة الدرقية، إضافة إلى انتشار حالات التقزم والنحافة والتي يتسبب بها سوء التغذية لدى الأطفال.
ومن بين ضحايا سوء التغذية في اليمن الأمهات الحوامل والمرضعات وفقا للدكتور الشعوبي الذي أوضح بأن الأمر ينعكس بشكل مباشر على المواليد حيث تحتاج 1.3 مليون امرأة حامل أو مرضعة إلى العلاج من سوء التغذية الحاد ونقص المغذيات الدقيقة سنويا في جميع المحافظات.
أكبر من مشكلة صحية
مخاطر انتشار سوء التغذية لا تنحصر على الجوانب الصحية فقط، إذ يرى الناشط والباحث الاجتماعي هشام راجح بأن سوء التغذية لدى اطفال اليمن يتسبب بتسرب عشرات الآلاف من التعليم فيما يؤثر سوء التغذية المتقطع على قدرات الأطفال التعليمية في المدارس.
وأوضح راجح -في حديثه لمنصة الطبية – أنه قام برصد عشرات الآلاف من الأسر اليمنية التي تضررت من الصراع الدائر في اليمن منذ 2015، موضحا أن عملية المسح شملت عددا من المحافظات في شمال وجنوب اليمن.
وأضاف “شهدت اليمن احداث تسببت بانتشار سوء التغذية بين ملايين المواطنين، إذ دمرت منازل أسر كثيرة وأفقدت أسر أخرى عائلها ورفعت نسبة الفقر والبطالة، والأطفال هم الضحية الأولى في ظل هكذا أوضاع”.
تدخلات غير كافية
بينما يعاني ملايين الأطفال في اليمن من سوء التغذية وسوء التغذية الحاد وأصبحت حياة الكثير منهم مهددة بخطر الوفاة، تشهد التدخلات قصورا واضحا في تنفيذ الأنشطة المنقذة للحياة.
وفي هذا السياق قالت عضو فريق التقييم الأممي في اليمن عبير العبسي بأن الفئات الأكثر ضعفا -النساء والأطفال وكبار السن والأشخاص ذوو الإعاقة – هم الأكثر تعرضا للمعاناة نتيجة انتشار سوء التغذية، وأضافت مؤكدة “رغم المعاناة إلا أنها لم تحصل على احتياجاتها الأساسية”.
كما قال المشارك الفخري في معهد دراسات التنمية والمتخصص في الشؤون الإنسانية الذي قاد فريق التقييم المشترك بين الوكالات اليمنية لويس سيدا في وقت سابق: “أنقذت عملية الأمم المتحدة في اليمن الكثير من الأرواح ولكن على الرغم من العملية الإنسانية غير المسبوقة البالغة قيمتها 16 مليار دولار لا يزال اليمن معلقا بخيط رفيع”.
اقرأ أيضاً..حقائق مهمة في اليوم العالمي للامتناع عن التدخين
وأضاف سيدا-في التقرير المرفوع لفريق التقييم- “لقد تباطأت أعمال المساعدات عبر وكالات الأمم المتحدة ولم تمنع انهيار الخدمات الأساسية ولا يزال الوضع هشاً بشكل لا يصدق بالنسبة لمعظم اليمنيين”.
تحذيرات أممية
في تقرير أصدرته نهاية شهر مارس الماضي قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) “إن من بين 11 مليون طفل يحتاجون إلى مساعدات -إنسانية في اليمن، يعاني أكثر من 540 ألف طفل دون سن الخامسة سوء تغذية حادا يهدد حياتهم”.. مؤكدة وفاة طفل (في المتوسط) كل 10 دقائق لأسباب يمكن تجنبها.
الآن.. بإمكانك الإشتراك في قناة الطبية على اليوتيوب
ولفتت المنظمة إلى أنها بحاجة ماسة لـ 484 مليون دولار عام 2023 لمواصلة تدخلها في البلد الذي دمرته الحرب المستمرة منذ أكثر من 8 سنوات، محذرة من أن ملايين الأطفال سيواجهون مخاطر متزايدة نتيجة انتشار سوء التغذية في حال عدم اتخاذ إجراءات عاجلة لإنقاذهم، وأنها قد تضطر إلى تقليص مساعدتها الحيوية للأطفال الضعفاء.
وبحسب التقرير السنوي الصادر عن الأمم المتحدة نهاية العام الماضي فإن أكثر من 21,7 مليون شخص (ثلثي السكان) بحاجة إلى مساعدات إنسانية خلال العام الجاري 2023.
أنتجت هذه المادة بدعم من منظمة انترنيوز Internews ضمن مشروع Rooted In Trust في اليمن
المصدر : https://alttebiah.net/?p=21968