د. محمد الطشي
هذه المرة ليس طفلاً يمثل على خشبة المسرح و لا آخر يردد أغاني مشاهير الطرب العربي ولا آخر يرسم لوحات فنية جميلة أو آخر يعزف على البيانو أو الكمان مقطوعات موسيقية عالمية معقدة بل هو ذلك الإنسان أبيض الثياب أبيض اليدين و أبيض القلب يخوض معركةً غير متكافئة الأطراف أعزلٌ لا يملك حتى درعاً يحمي بها نفسه أمام عدوٍ أبسط سلاحٍ لديه هو أنه لا يُرى و لديه من الأسلحة ما يفتك بها بالعصبة أولي القوة و أخطر ما لديه هو غموضه الدائم فلا يعلم أحد له نقاط ضعف يأتيه منها و هذا الملاك الأبيض يسابق في هذه المعركة الزمن للحفاظ على أرواحٍ تكيل له التهم بالتقصير بينما يسند أرواحهم بروحه ودمه و يستنفد أنفاسه للإبقاء على رئاتهم للتنفس و يلفظ أحياناً أنفاسه حمايةً لهم و حفاظاً على حياتهم يصارع الموت في يومه و ليله لينقذ حياة الآخرين الذين يجسد بصنيعه لهم ما قاله المحسنون: لا نريد منكم جزاءً ولا شكورا.
وهو في نزاله هذا وحيداً يريق سلسبيل معلوماته و نفيس مهاراته ذوداً عن الناس من حوله و فيهم سماعون للطعن فيه بل و فيهم من يكيد به مجسداً بذلك يقين العارفين ولسان حاله: و أفوض أمري إلى الله لتكون مكافأته سماوية فوقاه الله سيئات ما كسبوا.
و أجمل ما في هذا المقاتل الأبيض أنه يخوض المعركة طواعية و بكل رضاً و طمأنينة و إقدام و عزيمة بدافع الحب للآخرين، فهو القائد وهو الجندي يضمد جراحاته في ذات الوقت الذي يدافع فيه عن الآخرين لا يُرى على وجهه علامات تذمرٍ أو سخط.
ذلك المعجزة هو الطبيب اليمني و الممرض اليمني و المختبري اليمني و فني الكشافة و عامل نظافة المرافق الصحية و كل الكوادر الطبية و المساعدة في المستشفيات اليمنية الخاوية على عروشها كبئرٍ معطلة بينما القصور تُشيد لتجار الحروب الذين يزيدون من معاناة أصحاب الأيادي و الثياب البيضاء.
قضى منهم نحبه من قضى وهم الآن في جنات النعيم فرحون بما آتاهم ربهم يقولون ياليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي و جعلني من المكرمين،
الطبيب اليمني هو معجزة الزمان في أصعب الظروف يداه مبسوطتان بالخيرات و الإحسان.
جيشنا الأبيض.. بوركت مساعيكم و تقبل الله شهدائكم
#يوم_الطبيب_اليمني
المصدر : https://alttebiah.net/?p=9150
