fbpx
فلاش3 ديسمبر 2021

عدم التطعيم يخنق أطفال اليمن بالدفتيريا

mohammed alghobasi
2021-02-26T20:02:32+03:00
قصصنا
25 فبراير 2021آخر تحديث : الجمعة 26 فبراير 2021 - 8:02 مساءً
Ad Space
Ad Space

رفض التطعيم يخنق أطفال اليمن بالدفتيريا

unnamed 1 - المجلة الطبية
صورة نشرتها منظمة اليونيسف في 2019 أثناء تنفيذ حملة لقاحات في اليمن

المجلة الطبية- نسيم الرضا|  

 

رفض الأب تطعيم أبنائه الأربعة فنال مرض الدفتيريا (الخناق) من أجسامهم الغضة دفعة واحدة ليقع اثنان منهم في براثن الموت فيما نجا الآخران.

  

تقف الأم رحمة مسعد – اسم مستعار – بدون حيلة في ساحة مستشفى السبعين للأمومة والطفولة بانتظار إخراج أبنائها الأربعة لدفن (محمد 4 سنوات وهايل 6 سنوات) والعودة إلى محافظة عمران، شمال صنعاء، بـ صالح 10 أعوام، وناصر 12عاما اللذين نجيا من الموت بأعجوبة.

بعينين غارقتين بالدموع تنظر إلى الزوج “الغاضب” الذي يجري اتصالاته لتأمين 10آلاف ريال تضاف لمبلغ أربعين ألفا ثمناً لأجرة سيارة تقلهم إلى قريتهم.

امتناع عن التطعيـــم

دموع الأم رحمة لم تتوقف تهمس للممرضة بأن زوجها رفض تطعيم أبنائه لاعتقاده أن اللقاح ضار ومجرد “وهـــم ” لا يجب تصديقه.. وتضيف “حاولت إقناعه بأهمية التطعيم لكنه أصر ومنعني من تطعيم الأطفال، وهددني بعواقب أي تصرف يؤكد قناعتي لما أسماه خرافات التطعيم.”

  على بعد أمتار يراقب الزوج حديث زوجته ويتجاهل دموعها، وفي محاولة لتخفيف نظرات وعيده لها تحدثت بصوت مسموع بأنه زوج طيب وأب حنون وعاودت إلى الهمس لكنه مريض نفسي ومتهور.

بهدوء أضافت ” الله يحفظ الاثنين الباقيين” وتقبلت الأم معادلة أبناء للموت وأبناء للحياة.

إحصائيـــات حكومية   

 يفتـك مرض الدفتيريا بالأطفال اليمنيين في نوبة برد أو عدوى مجهولة المصدر، ويفقد البعض حياتهم نتيجة “تأخر اكتشاف المرض” وصعوبة تلقي العلاج وللفقر أحكامه السريعة.

حيث أعلنت وزارة الصحة العامة والسكان في صنعاء مطلع شباط (فبراير) الجاري أنه تم تجهيز وترميم 28 مركز معالجة وعناية مركزة لحالات الدفتيريا في 28 مستشفى بهدف التدخل السريع لمواجهة المرض.

قد يهمك..الصحة العالمية: 257 وفاة بالدفتيريا في اليمن خلال 26 شهرا

وقالت أن عدد حالات الاشتباه بالدفتيريا خلال العام الماضي بلغت 14 ألفاً و 210حالات، بينما اعلنت منظمة الصحة العالمية نهاية 2019 عن رصد 257 وفاة بمرض الدفتيريا باليمن خلال 26 شهرا، مع تسجيل أكثر من 4 آلاف و500 حالة اشتباه بالمرض خلال الفترة ذاتها، فيما لم تصدر إحصائيات جديدة خلال الأشهر الماضية.

واستقبل مركز الدفتيريا بمستشفى السبعين للأمومة والطفولة خلال العام الماضي0 202م (113) حالة من الفئات العمرية (أقل من عام إلى عشرة أعوام) توفي منها 27حالة.

ويعتبر مركز الدفتيريا في المستشفى الذي توقفت منظمة الصحة العالمية عن دعمه منذ ما يقارب عام تقريبا المركز الوحيد المستمر في استقبال الأطفال المصابين بالدفتيريا من مختلف المحافظات من عمر أقل من عام وحتى 14عاما فيما يستقبل مستشفى فلسطين و22مايو في العاصمة صنعاء المصابين بالدفتيريا من سن 13عاما فما فوق.

ســـــاحة الصمـــــت

تتعاطف الساحة المقابلة للمركز مع ضحايا الدفتيريا فتمنحهم هدوءً طاغيا يفصح عن قصصهم التي يرويها “مرافقو المرضى” لبعضهم أملا في دعوة تَعْبُر السماء أو مساعدة مالية تُخفّف عواقب الهــــمِّ القابع على رصيف الإنــتظار.

وتروي رئيس قسم العناية بالمركز فائزة الجعدي في حديثها – لـ المجلة الطبية – حكايات لأطفال في سن الرابعة عشرة يصلون إلى بوابة المركز ويخطفهم الموت قبل تلقي الإسعافات المنقذة بسبب تأخر الحالة لقلة الوعي بخطورة المرض وصعوبة الانتقال من المحافظات للمركز للعلاج وخطأ التشخيص السريري وإهمال الفحص المخبري للتأكد من العدوى.

الطفلة أروى ضحية سوء التشخيص

وصلت أروى -طفلة العشر سنوات- إلى مركز الدفتيريا بمستشفى السبعين للأمومة والطفولة وهي في حالة صدمة عصبية بعد أن هاجمت الدفتيريا القلب والأعصاب والكلى وهي الأعضاء الحيوية التي ينذر فشلها بموت محقق.

عانت الطفلة على مدى شهرين من مرض الدفتيريا الذي لم يتم تشخيصه بشكل صحيح فاعتبره مقدمو الرعاية الصحية – في منطقتها مديرية مريس بمحافظة البيضاء في الجنوب الشرقي من صنعاء وتبعد عنها 268كم – مجرد نزلة برد حادة.

Ad Space

وبعد تدهور حالة الطفلة تم إسعافها إلى عدد من المستشفيات ليتم نقلها أخيرا إلى مركز الدفتيريا بمستشفى السبعين. حيث وصلت الطفلة في حالة صحية متدهورة، بحسب رئيسة قسم العناية بالمركز التي ووصفت حالتها بـ “المنهكة “تحاول التقاط أنفاسها بصعوبة وفي حالة اختناق شبه كامل.

إقرأ أيضاً..كورونا في اليمن.. عام من المواجهة

وتستعرض الجعدي الإسعافات الإنقاذية التي تلقتها أروى من خلال التنفس الصناعي والإنعاش ومعالجة مضاعفات القلب والكلى والأعصاب ولقاح البكتيريا الوتدية التي تسبب العدوى، في محاولة للسيطرة على تدهور حالة الطفلة، وخوفا من فشل الأعضاء الحيوية ما يعني موت أروى التي تصارع من اجل الحياة.

وتوضح أن علاج عدوى الدفتيريا يتم بإنعاش المريض وإعطائه مضاداً للدفتيريا عن طريق الوريد أو بحُقنة عضلية ومضادات حيوية للقضاء على البكتيريا ومنع سريان العدوى إلى الغير.

 e1614275390369 - المجلة الطبية
طفلة يمنية أثناء تلقيها اللقاح.. منشورة في موقع قناة العالم

وتوضح أن أسباب انتكاس بعض الحالات عدم المتابعة للحالة وعدم الالتزام بالإرشادات، ما يسبب تدهور بعض الحالات وإصابتها بمضاعفات الدفتيريا.

وتشير إلى أن المركز يستقبل أكثر الحالات من محافظات (البيضاء، صعدة، عمران، حجة، ذمار وتعز) موضحة بأن عدم التطعيم من أهم أسباب إصابة الأطفال بعدوى الدفتيريا بالإضافة إلى أن إصابة الأطفال ” 12- 14 عاما” وما فوق قد ياتي بسبب ضعف المناعة وفقر الطعام للتنوع الغذائي.

التشخيص الخاطئ يسبب تدهور الحالة

وتوضح  استشارية الأطفال الدكتورة هناء الأديمي – لـ للمجلة الطبية – أن خطأ التشخيص للدفتيريا يسبب تدهور الكثير من الحالات بسبب تشابه أعراض مرض الدفتيريا مع أمراض اللوزتين والأنفلونزا.

وتشير إلى أن الدفتيريا بحاجة لفحص سريري دقيق لملاحظة التغيرات الحاصلة على اللوزتين وتشخيص المرض من خلال رصد مؤشراته الخاصة بالعدوى الذي تسببها بكتيريا الخُنَّاق الوتدية ووجود غشاء مائل إلى اللون الرمادي يغطي الحلق.

وأفادت بأن أعراض الدفتيريا تظهر بعد يومين إلى خمسة أيام من التعرّض للبكتيريا المسببة لها وتتراوح حدتها بين خفيفة ووخيمة، وغالباً ما تظهر الأعراض تدريجياً وتبدأ بالتهاب في الحلق وحمى وفي الحالات الوخيمة، تُنتج هذه البكتيريا سُمّاً يُحدث لَطْخة سميكة رمادية أو بيضاء اللون في مؤخرة الحلق، وتغلق مجرى الهواء فيصعب التنفس أو البلع، كما يمكن أن تسبب سُعالاً “نباحيا”، وتغير في الصوت ليشبه “الصهيل” ويتورّم العُنق فيسمى “عنق الثور” لتضخّم العقد اللمفية.

وتضيف الدكتورة الأديمي أن البكتيريا التي تنتشر في فصلي الشتاء والربيع تصيب مجرى الدم فتسبب مضاعفات تشمل التهاب عضلة القلب وتلفها، والتهاب الأعصاب، وحدوث مشاكل كُلويّة، ومشاكل نزفية لانخفاض عدد الصفائح الدموية يسبب تلف عضلات القلب واضطراب ضرباته، بينما يؤدي التهاب الأعصاب إلى الإصابة بالشلل.

أنت مدعو للإشتراك في قناة الطبية في اليوتيوب

وتنتشر بين الأشخاص بالملامسة المباشرة أو استنشاق الرذاذ المتطاير من سُعال أو عطس المصاب كما يمكن أن تنتشر العدوى بملامسة الملابس أو الأشياء الملوثة بالبكتيريا، بحسب الأديمي، مشددة على أهمية تطعيم الأطفال لحمايتهم من أمراض الطفولة القاتلة.

 

وبحسب الإحصائيات في مستشفى السبعين -التي حصلت المجلة الطبية على نسخة منها- تلقى 23 ألفا و503 أطفال التطعيم خلال العام المنصرم والتي تمنح الطفل مناعة من أمراض الطفولة القاتلة.

فيما يتلقى الأطفال في اليمن جرعات تطعيم تنشيطية في فترات متقطعة تنفذها منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع الجانب الحكومي تستهدف ملايين الأطفال الذين تعتبرهم “ضحايا الحرب ” لحمايتهم من تفشي الأوبئة والأمراض المستوطنة.

أهمية التطعيــــم

وبحسب منظمة الصحة العالمية تُقدّر نسبة أطفال العالم الذين يتلقون الجرعات الثلاث الموصى بها من اللقاح المحتوي على لقاح الدفتيريا 86%، بينما يُترك 14% من الأطفال في العالم من دون هذه التغطية اللقاحية أو يحصلون على جزء منها.

وتوصي منظمة الصحة العالمية بضرورة تطعيم الأطفال والمراهقين ثلاث جرعات معزِّزة من لقاح الدفتيريا المحتوي على الذوفان (التوكسيد)، وينبغي للأشخاص غير المطعَّمين ضد الدفتيريا أو المطعَّمين ضدها جزئياً أن يتلقوا في أي سن الجرعة اللازمة من اللقاح لاستكمال تطعيمهم.

بعد أسبوعين من زيارة “المجلة الطبية” للطفلة أروى بمركز الدفتيريا والتي كانت في حالة موت سريري تحسنت حالتها وتعافت وهزمت “الخناق ” واقتنصت فرصة حياة جديدة.

اخترنا لكم

Ad Space
Ad Space
رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

Ad Space